السنة قبل التدوين

محمد عجاج الخطيب ت. 1443 هجري
66

السنة قبل التدوين

الناشر

دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٠ هجري

مكان النشر

بيروت

هذه نماذج قليلة لتفاني الصحابة وبذلهم في سبيل عقيدتهم ودينهم وبهذه الروح السامية والحيوية الدائمة أقدموا على تلقي العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كان الصحابة يتعلمون من النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم آيات معدودات: يتفهمون معناها، ويتعلمون فقهها، ويطبقونه على أنفسهم، ثم يحفظون غيرها، وفي ذلك يقول أبو عبد الرحمن السلمي: «حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ... قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا» (1).

وكان بعضهم يقيم عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعلم أحكام الإسلام وعباداته، ثم يعود إلى أهله وقومه يعلمهم ويفقههم، ومن هذا ما أخرجه البخاري عن مالك بن الحويرث قال: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، وكان رفيقا رحيما، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم» (2).

وكان الصحابة يحرصون على حضور مجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

صفحة ٥٨