157

الشرح الكبير على المقنع

محقق

عبد الله بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

الناشر

هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هجري

مكان النشر

القاهرة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُعاويةَ، والمِقْدامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ أنَّ النبيَّ ﷺ نَهَى عنْ جُلودِ السِّباعِ (١) والرُّكوبِ عليها. روَاه أبو داودَ، والنَّسائِي (٢). مع [ما ذَكَرْنا من نَهْي النبيِّ] (٣) ﷺ عن الانْتفاعِ بشيءٍ من المَيتَةِ، فجَمعْنا بينَ هذه الأحاديثِ، وبينَ الأحاديثِ الدَّالَّةِ على طهارةِ جُلُودِ المَيتَةِ بحَمْلِها على ما كان طاهِرًا حال الحياةِ، وحَمْلِ الأحاديثِ النَّهْي على ما لم يَكُنْ طاهِرًا، لأنّه متى أمْكَن الجَمْعُ بينَ الأحاديثِ ولو مِن وجه، كان أَوْلَى مِن التَّعارُضِ بينَها، يُحقِّقُ ذلك أنَّ الدَّبْغَ إنّما يُزيلُ النجاسةَ الحادِثةَ بالموتِ، ويَرُدُّ الجلدَ إلى ما كان عليه حال الحياةِ، فإذا كان في الحياةِ نَجِسًا لم يُؤَثِّرْ فيه الدِّباغُ شيئًا، واللهُ أعلمُ.
فصل: وإذا قُلْنا بطهارةِ الجِلْدِ بالدِّباغِ، لم يَحِلَّ أكْلُه، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ، وحُكِي عن ابنِ حامدٍ أنَّه يَحِلُّ. وهو وجهٌ لأصحابِ الشافعيِّ، لقولِه ﷺ: «ذَكَاةُ الأدِيمَ دِبَاغُهُ». ولأنّه معنًى يفيدُ الطهارةَ في الجِلْدِ، أشْبَهَ الذَّبْحَ. وظاهرُ قولِ الشافعيِّ، أنه إنْ كان مِن حيوانٍ مأْكُول، جازَ أكْلُه، لأنَّ الدِّباغَ بمَنْزِلَةِ الذَّكاةِ، وإلّا لم يَجُزْ؛ لأنَّ

= والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٩٢، ٩٣، ٩٩، ١٣٤.
(١) في الأصل: «نهى عن افتراش جلود السباع».
(٢) في: باب في جلود النمور والسباع، من كتاب اللباس. سنن أبي داود ٢/ ٣٨٨.كما رواه النسائي، في: باب النهي عن الانتفاع بجلود السباع، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى ٧/ ١٥٦. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ١٠١.
(٣) في الأصل، م: «ذكرناه، ونهى النبي».

1 / 169