الشرح الكبير على المقنع

ابن أبي عمر المقدسي ت. 682 هجري
113

الشرح الكبير على المقنع

محقق

د عبد الله بن عبد المحسن التركي - د عبد الفتاح محمد الحلو

الناشر

هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

القاهرة - جمهورية مصر العربية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ وما اعتُبِرَ احتياطًا كان واجبًا، كغَسْلِ جُزءٍ مِنَ الرأسِ مع الوجهِ. ولأنّه قدر يَنفَعُ النجاسةَ [عن نفْسِه] (١)، فاعتُبرَ تحقيقُه كالعَدَدِ في الغَسَلاتِ. والثاني، هو تقريب، وهو الصحيحُ، لأنَّ الذين نَقَلُوا تقديرَ القِلالِ لم يَضْبِطُوها بحدٍّ، إنَّما قال ابنُ جُرَيجٍ: القُلَّةُ تَسَعُ قربَتَينِ، أو قربتينِ وشيئًا. ويحيى بنُ عُقَيلٍ قال: أظنُّها تسعُ قربتينِ. وهذا لا تحديدَ فيه، وتقديرُ القِربَةِ بمائةِ رطلٍ تقريبٌ. ولأنّ الزائدَ على القُلَّتَين، وهو الشيءُ، مَشْكوكٌ فيه (٢)، والظاهرُ اسْتِعمالُه فيما دونَ النِّصفِ، والقِرَبُ تَخْتلِف غالبًا. وكذلك لو اشْتَرى شيئًا، أو أسْلَم في شيءٍ، وقدَّرَه بها، لم يَصِح، وقد عَلِم النبيُّ ﷺ أنَّ الناسَ لا يَكِيلُونَ الماءَ، ولا يَزِنُونَه، فالظاهرُ أنَّه رَدَّهم إلى التقرِيبِ، فعلى هذا مَن وَجَد نجاسةً في ماءٍ فغَلَب على ظنِّه أنه مُقارِبٌ للقُلَّتَين تَوَضَّأ منه، وإلَّا فَلا. وفائدةُ الخلافِ أنَّ مَنِ اعتَبَر التحديدَ، قال: لو نَقَص الماءُ نَقْصًا يسيرًا، لم يُعفَ عنه. والقائِلون بالتقريبِ يَعفُون عن النَّقْصِ اليَسِيرِ. كان شَكَّ في بُلُوغِ الماءِ قَدرًا يَنفَعُ النجاسةَ، ففيه وجهان؛ أحدُهما، يُحكَمُ بطهازتِه؛ لأنَّ طهارتَه مُتَيَقَّنة قبلَ وقوعِ النجاسةِ فيه، فلا يَزُولُ عن اليقينِ بالشَّكِّ. والثاني، هو نَجِسٌ؛ لأنَّ الأصلَ قِلَّةُ الماءِ، فَيُبْنَى عليه، ويَلْزمُ مِن ذلك النجاسةُ.

(١) سقط من: «م». (٢) سقطت من: «م».

1 / 123