الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
الناشر
دار الفكر العربي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٩٨ هجري
علم الشافعي ومصادره
٢٢- أسلفنا لك القول في حياة الشافعي وأدوارها، وتنقلاته ورحلاته وذكرنا لك من علمه قليلاً يوضح مناهج هذه الحياة وأطوارها، ولكن مصدر علم الشافعي جدير بأن يفرد له بحث قائم بذاته، لا أن يذكر في عبر حياته، وفي أثناء سرد الحوادث التي نزلت به، لأنه الأساس الذي قام عليه فقهه، وفقهه هو لب الموضوع الذي نعنى بدرسه.
لقد شغل الشافعي الناس بعلمه وعقله، شغلهم في بغداد، وقد نازل أهل الرأي وشغلهم في مكة، وقد ابتدأ يخرج عليهم بفقه جديد يتجه إلى الكليات بدل الجزئيات، والأصول بدل الفروع، وشغلهم في بغداد، وقد أخذ يدرس خلافات الفقهاء، وخلافات بعض الصحابة على أصوله التي اهتدى إليها، فما ذلك العلم الذي كان شغل العلماء الشاغل، وما ينابيعه؟ لقد ذكر بعض ذلك عرضاً في حياته، والآن نذكره في باب قائم بذاته.
أجمع شيوخه وقرناؤه وتلاميذه الذين تلقوا عليه أنه كان علماً بين العلماء لا يجارى ولا يبارى، وسجلوا ذلك في شهادات دونها التاريخ، فمالك شيخه يثني عليه في وقت لم يكن قد تكامل نموه، وبلغ شأوه.
وعبد الرحمن بن مهدي بعد أن يقرأ رسالته في الأصول التي كتبها إليه بطلبه يقول: ((هذا كلام شاب مفهم)).
= ينادى، هذا جزاء من سب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن قوماً تعصبوا لفتيان من سفهاء الناس وقصدوا حلقة الشافعي حتى خلت من أصحابه وبقي وحده فهجموا عليه وضربوه فحمل إلى منزله، فلم يزل فيه عليلاً حتى مات، وقد تفيد هذه الرواية أن الموت هو سبب الضرب، وسواء أصحت قصة الضرب أم لم تصح، فالمذكور في أغلب الروايات أن العلة التي مات بها الشافعي هي البواسير، أصابه بسببها نزف شديد فلقى ربه راضياً مرضياً رحمه الله تعالى.
33