85

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

كذلك فإن أبا حذيفة قد روى عن جماعة لم يسمع منهم محمد بن كثير منهم إبراهيم بن طهمان وشبل بن عباد وعكرمة بن عمار وغيرهم من أكابر الشيوخ. حدثنا أبو الحسين عبد الرحمن بن نصر المصري الأصم ببغداد قال: حدثنا أبو عمرو بن خزيمة البصري بمصر قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا أبي عن ثمامة عن أنس قال: كان قيس بن سعد من النبي ﷺ بمنزلة صاحب الشرط من الأمير، يعني ينظر في أموره، وحدثنا جماعة من مشايخنا عن أبي بكر محمد بن إسحاق قال: حدثني أبو عمرو محمد بن خزيمة البصري بمصر وكان ثقة فذكر الحديث بنحوه. قال أبو عبد الله: وهذا الحديث شاذ بمرة فإن رواته ثقات وليس له أصل عن أنس ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر" (١). قلت: ويظهر بجلاء منهج الحاكم في عد تفرد الثقة شذوذًا، إذ عد حديث أنس: " كان منزلة قيس بن سعد ... "، شاذًا وهو مخرج في صحيح البخاري (٢)، قال الحافظ ابن حجر: "والحاكم موافق على صحته إلا أنه يسميه شاذًا، ولا مشاحة في الاصطلاح " (٣) أقول: ويؤيد ما استنتجه منه علماء المصطلح من أنه أراد به تفرد الثقة مطلقًا؛ صنيعه في أمكنة أخرى، منها ما ذكره في كتابه المدخل إلى الإكليل، والأمثلة التي مثل بها، وكذلك بعض الأحاديث التي أعلها في المستدرك. ففي كتابه المدخل إلى الإكليل ذكر أقسام الحديث الصحيح المتفق عليه، وفي (القسم الرابع من الصحيح المتفق عليه) قال: " هذه الأحاديث الأفراد والغرائب التي يرويها الثقات العدول تفرد بها ثقة من الثقات، وليس لها طرق مخرجة في الكتب ... " (٤). ثم ضرب لهذا القسم أمثلة منها: حديث اتفق على إخراجه الشيخان وهو حديث عائشة ﵂ في سحر النبي ﷺ (٥)، ثم قال الحاكم عقبه: " هذا الحديث مخرج في

(١) معرفة علوم الحديث ص١١٩ - ١٢٢. (٢) برقم (٧١٥٥)، وانظر تخريجه كاملا في المسند الجامع ٢/ ٤٤٠ (١٤٨٤). (٣) النكت على ابن الصلاح ٢/ ٦٧٠ - ٦٧١.، وانظر فتح المغيث، السخاوي ١/ ٢٢٠. (٤) المدخل إلى الإكليل ص ٣٩. (٥) وتمام الحديث:" عن السيدة عائشة ﵂ قالت:" سحر رسول الله ﷺ رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله ﷺ يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب قال من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم: قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان فأتاها رسول الله ﷺ في ناس من أصحابه فجاء فقال: يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين! قلت: يارسول الله أفلا استخرجته؟ قال: قد عافاني الله فكرهت أن أثور على الناس فيه شرا. فأمر بها فدفنت ".

1 / 91