78

الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة." (١). وهو أول تعريف للشاذ في كتب المصطلح كنوع من أنواع علوم الحديث، إذ لم أقف على تعريفه في أول كتاب في مصطلح الحديث وهو كتاب "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " للحافظ الرامهرمزي ت (٣٦٠هـ). وقال أبو يعلى الخليلي ت (٤٤٦): " الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة فما كان من غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به" (٢). أما الخطيب البغدادي ت (٤٦٣): فإنه لم يصرح لنا بتعريف للشاذ في الكفاية أو غيرها من كتبه -والله أعلم- وإنما بوب بابًا سماه " ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ ورواية المناكير والغرائب من الأحاديث" (٣)،ونقل كلام أئمة الشأن في ترك الاحتجاج بالحديث الشاذ. وقال الميانشي ت (٥٧١): " فهو أن يرويه راو معروف لكنه لا يوافقه على روايته المعروفون " (٤) وقال الحافظ ابن الصلاح ت (٦٤٣):" الأمر في ذلك على تفصيل نبينه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفًا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط، كان ما انفرد به شاذًا مردودًا وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلًا حافظًا موثوقًا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما فيما سبق من الأمثلة وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارمًا له مزحزحا له عن حيز الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم

(١) معرفة علوم الحديث ص١١٩. (٢) الإرشاد ١/ ١٧٦. (٣) الكفاية ص ١٤٢. (٤) ما لا يسع المحدث جهله ص ١١.

1 / 84