الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
وقد نبّه إليها الإمام ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي فقال: " الطبقة الرابعة: كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين، وكانت هي المجاميع، والمسانيد المختفية، فنوهوا بأمرها، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون، ككثير من الوعاظ والمتشدقين، وأهل الأهواء، والضعفاء، أو كانت من آثار الصحابة والتابعين، أو من أخبار بني إسرائيل، أو من كلام الحكماء، والوعاظ خلطها الرواة بحديث النبي ﷺ سهوًا، أو عمدًا، أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح، فرواها بالمعنى قوم صالحون، لا يعرفون غوامض الرواية، فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة، أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة، جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمدًا، أو كانت جملًا شتى في أحاديث مختلفة، جعلوها حديثا واحدًا بنسق واحد، ومظنة هذه الأحاديث كتاب: الضعفاء لابن حبان، وكامل ابن عدي، وكتب الخطيب، وأبى نعيم، والجورقاني، وابن عساكر، وابن النجار، والديلمي، وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة، وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفًا محتملًا، وأسوؤها ما كان موضوعًا أو مقلوبًا، شديد النكارة، وهذه الطبقة، مادة كتاب: الموضوعات لابن الجوزي " (١).
وعقب عليه ولده العلامة عبد العزيز الدهلوي المتوفى سنه ١٢٣٩ هـ بقوله:
" وأحاديث هذه الطبقة التي لم يعلم في القرون الأولى اسمها ولا رسمها، وتصدى المتأخرون لروايتها، فهي لا تخلو عن أمرين: إما أن السلف تفحصوا عنها ولم يجدوا لها أصلًا، حتى يشتغلوا بروايتها، أو وجدوا لها أصلًا ولكن صادفوا فيها قدحًا، أو علة موجبة لترك روايتها فتركوها، ... . وقد أضل هذا القسم من الأحاديث كثيرًا من المحدثين عن نهج الصواب حيث اغتروا بكثرة طرقها الموجودة في هذه الكتب، وحكموا بتواترها، وتمسكوا بها في مقام القطع واليقين، وأحدثوا مذاهب تخالف أحاديث الطبقتين الأوليين على ثقتها. والكتب المصنفة في أحاديث هذا القسم كثيرة منها: ما ذُكر، ومنها كتاب الضعفاء للعقيلي، وتصانيف الحاكم، وتصانيف ابن مردويه، وتصانيف ابن شاهين، وتفسير ابن جرير، وفردوس الديلمي، بل سائر تصانيفه
،وتصانيف أبي الشيخ ... فالاشتغال بجمعها والاستنباط منها نوع تعمق من المتأخرين، وإن شئت الحق فطوائف
(١) الحطة، القنوجي ٢١٨ - ٢٢١،بتصرف يسير، وانظر مقدمة تحقيق تأريخ الخطيب، د. بشار عواد معروف ١/ ١٦٩.
1 / 236