الشاذ والمنكر وزيادة الثقة - موازنة بين المتقدمين والمتأخرين
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الدمشقي وحدثناه محمد بن يوسف النيسابوري عنه قال: حدثنا أبو الميمون البجلي، قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي يقول: كنا نسمع الحديث ونعرضه على أصحابنا كما نعرض الدرهم الزائف فما عرفوا منه أخذناه وما أنكروا منه تركناه، أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال: قال أبو غسان، يعني زنيجًا: قال جرير: كنت إذا سمعت الحديث جئت به إلى المغيرة فعرضته عليه فما قال لي القه ألقيته " (١).
فكل هذا التراث الفكري والعقائدي غثّه وسمينه كان أمام علماء الحديث، حينما تصدوا لجمع الحديث النبوي الشريف، وغربلته.
ثم فكّر علماء المئة الثانية بتصنيف الحديث، وتبويبه على أنحاء شتى، وصيغ مختلفة، فظهرت المصنفات والأبواب، والمسانيد والجوامع، وغير ذلك.
وإذا استثنينا الكتب التي نص مؤلفوها على صحتها، مثل صحيحي البخاري ومسلم ونحوهما، فإن مؤلفي الكتب الأخرى مثل أصحاب المصنفات، والمسانيد، والسنن، وإن لم يشترطوا الصحة في الأحاديث التي أخرجوها في مصنفاتهم ولكنهم لم يُورِدُوها عبثًا، بل اختاروها من ذلك التراث الضخم الذي جاءهم من الصحابة والتابعين وتابعيهم.
فالإمام أحمد مثلًا اختار مسنده والذي هو بزهاء الثلاثين ألف حديث من مجموع سبعمائة ألف حديث!! (٢)، والإمام البخاري أخرج صحيحه من زهاء ستمائة ألف حديث (٣)، وأحاديثه بالمكرر بحدود السبعة آلاف وخمسمائة حديث فقط، وانتقى الإمام مسلم أحاديث
صحيحه من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة (٤)، وقال أبو داود: كتبت عن رسول الله ﷺ خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعنى كتاب السنن، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه " (٥).
وهكذا مع بقية المصنفات الأخرى التي أخرجت الأحاديث النبوية في تلك الحقبة.
(١) الكفاية ١/ ٤٣١.
(٢) الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب ١/ ١٣٠.
(٣) تأريخ الخطيب ٢/ ٣٢٧.
(٤) تأريخ الخطيب ١٥/ ١٢٢، وانظر مقدمة تحقيقه لد. بشار عواد ١/ ١٦٧.
(٥) انظر تأريخ الخطيب ١٠/ ٧٨، ومقدمة تحقيقه١/ ١٦٧.
1 / 230