السلفيون وحوار هادئ مع الدكتور علي جمعة
الناشر
دار الخلفاء الراشدين - دار الفتح الإسلامي
مكان النشر
الإسكندرية
تصانيف
وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه، ذلك أن شفاعة الرسول ﵌ في الأعمى مفهومة، ولكن شفاعة الأعمى في الرسول ﵌ كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة (١).
ثانيًا: نقل المفتي مرتين في فقرتين متتاليتين (ص٨٢، ص٨٣)، عن موطأ مالك (١/ ٢٣١) أن النبي ﵌ عندما انتقل إلى جوار ربه قَالَ نَاسٌ: «يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ». وَقَالَ آخَرُونَ: «يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ».
ثم استدل بذلك على جواز الدفن في المساجد، حيث قال مرتين في الفقرتين: «ووجه الاستدلال أن أصحاب رسول الله ﵌ اقترحوا أن يُدفن ﵌ عند المنبر، وهو داخل المسجد قطعًا».
وعند الرجوع إلى موطأ مالك تجد أن ما استدل به المفتي رواه الإمام مَالِكٍ بلاغًا بغير إسناد (٢)، والإمام مالك ﵀ وُلد عام ٩٣ هـ أي بعد هذه الحادثة باثنين وثمانين سنة؛ فقد توُفِّيَ النبي ﵌ في ربيع الأول سنة ١١هـ.
وكان الألْيَق بالمفتي - من باب الأمانة العلمية - أن يذكر أن هذه الرواية لا تصح، وبالتالي لا يجوز له أن يَستدل بها أصلًا، وإن كان قد استدل بها وهو لا يعلم أنها ضعيفة فالأمر أعظم؛ فلا يليق به - وهو الأستاذ الجامعي ومفتي الديار المصرية - أن يستدل بأحاديث لا يعلم مدى صحتها، ويَرُدّ بها أحاديث صحيحة رواها البخاري ومسلم نهى فيها النبي ﵌ عن اتخاذ القبور مساجد.
ثالثًا: تعليقًا على حديث البخاري: «كَانَ النَّبِيُّ ﵌ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا»، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ﵄ يَفْعَلُهُ» نقل المفتي (ص١١٠) عن
(١) «انظر: التوسل أنواعه وأحكامه للألباني (ص٧٦ - ٨٢).
(٢) أي يقول: «بلغني كذا»، ولا يَذْكُر مَن الذي أخبره بهذا الحديث، فتكون الرواية غير صحيحة لأنها عن مجهول لا يُعْلَمُ حالُه من الصدق والعدالة والضبط.
1 / 36