الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

حكمت بشير ياسين ت. غير معلوم
104

الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور

الناشر

دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

المدينة النبوية

تصانيف

قوله تعالى (وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أبْصَارِهِمْ) قال الشيخ الشنقيطي ﵀: لا يخفى أن الواو في قوله: (وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ) محتملة في الحرفين أن تكون عاطفة على ما قبلها، وأن تكون استئنافية. ولم يبين ذلك هنا، ولكن بين في موضع آخر أن قوله (وَعَلَى سَمْعِهِمْ) معطوف على قوله (عَلَى قُلُوبِهِمْ) وأن قوله (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ) استئناف والجار والمجرور خبر المبتدأ الذي هو (غِشَاوَةٌ) وسوغ الابتداء بالنكرة فيه اعتمادهما على الجار والمجرور قبلها. ولذلك يجب تقديم هذا الخبر، لأنه هو الذي سوغ الابتداء بالمبتدأ.... فتحصل أن الختم على القلوب والأسماع، وأن الغشاوة على الأبصار وذلك في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) الجاثية: ٢٣. فإن قيل: قد يكون الطبع على الأبصار أيضًا. كما في قوله تعالى في سورة النحل (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) الآية، النحل ١٠٨. فالجواب: أن الطبع على الأبصار المذكور في آية النحل: هو الغشاوة المذكورة في سورة البقرة والجاثية، والعلم عند الله تعالى. «أضواء البيان ١/١٠٩، ١١٠» . قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِالله وَبِاليَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُم بِمُؤْمِنِينَ) وهذا الصنف من الناس هم المنافقون كما سماهم الله تعالى في مطلعٍ سورة المنافقون (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) وقال أيضًا (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) النساء: ١٤٢. وقد تقدم في الآية رقم (٣) قول مجاهد: أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين. قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: لم يذكر هنا بيانا عن هؤلاء المنافقين، وصرح بذكر بعضهم بقوله (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ) التوبة: ١٠١.

1 / 106