25

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

تصانيف

نفسك لنفسك، واسع فِي دُنْيَاكَ لِآخِرَتِكَ، وأعدّ الْعُدَّةَ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ، وتزوَّد من التَّقوى لِلَيْلَةٍ صَبِيحَتُهَا يَوْم الْقِيَامَةِ؟ ! وَعَظَ النَّبيُّ ﷺ رجلًا، وقال له: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ" (١). ازهد في الدُّنيا مقتديًا بالنَّبيِّ ﷺ الَّذي زهد في المباح، وكَرِهَ لِابْنَتِهِ مَا كَرِهَ لِنَفْسِهِ مِنْ تَعْجِيلِ الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا، أَتَى النَّبيُّ ﷺ بَيْتَ فَاطِمَةَ ﵂، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا، وَجَاءَ عَلِيٌّ ﵁، فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: "إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا. مَا لِي وَلِلدُّنْيَا" (٢). ومَرَّ النَّبيُّ ﷺ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ (٣)، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ (جَانِبَهُ)، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ (صَغِير الأذنين) مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: ... "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ قَالُوا: وَالله لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: فَوَالله لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ" (٤).

(١) الحاكم "المستدرك" (ج ٤/ص ٣٤١/رقم ٧٨٤٦) وقال الحاكم: على شرط الشّيخين، ووافقه الذّهبي. (٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٣/ص ١٦٣/رقم ٢٦١٣) كتاب الهبة. (٣) العَالِيَةُ وَالعَوَالِي أَمَاكِنُ بِأَعْلَى أَرَاضِي المدِينَةِ. (٤) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٤/ص ٢٢٧٢) كتاب الزّهد.

1 / 26