الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

أحمد محمود الشوابكة ت. غير معلوم
101

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

تصانيف

مُحْتَسِبًا عَلَى الله ﷿ دَخَلَ الْجَنَّةَ" (١). هذا ويظنّ بعض النّاس أنَّ الموت في مكَّة والدَّفن فيها يختلف عن أيّ بلد آخر، وأنَّ فيه زيادة حسنات أو رفع درجات، قلت: والمعوّل عليه بعد رحمة الله تعالى العمل الصَّالح الخالص، وليس المكان الَّذي يدفن فيه الإنسان. ولو كان للدّفن في مكّة فضيلة لما قال النَّبِيُّ ﷺ لأهل المدينة: "هَاجَرْتُ إِلَى الله وَإِلَيْكُمْ، فَالمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ" (٢)، فقد اختار ﷺ المدينة حيًّا وميّتًا. ولو كان في الموت بمكّة مزيد فضل لأمر النَّبِيُّ ﷺ أصحابه أن يموتوا فيها، لكنّه لم يوص بذلك ولم يشرع نقل الميّت، وأنت ترى قبور الصَّحابة في الأردنّ والشّام والعراق واليمن وغيرها، هُنَا، وهُنَاكَ، وهُنَالِكَ. فإن قيل فإنَّ النَّبيَّ ﷺ، قال: "مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا" (٣)، فالمراد الاستقرار في المدينة إلى الموت، والتّوطّن فيها وعدم الخروج منها حتّى يأتي الموت، فيفوز العبد حينها بشفاعة المصطفى ﷺ قضاءً لحقِّ الجوار، وليست الشّفاعة والفضيلة لمن مات خارج المدينة ونقل إليها كما تأوّل بعضهم. لكن يظهر أنّ الموت في المدينة أفضل لمن كان مقيمًا فيها من الموت في

(١) المخَلِّص "المُخَلِّصيَّاتُ" (ج ٣/ص ١٠٥/رقم ٢٠٩٤) وأورده الألبانيّ في "الصّحيحة" (ج ٤/ص ٢٠٠/رقم ١٦٤٥). (٢) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٣/ص ١٤٠٧) كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ. (٣) أحمد "المسند" (ج ١٠/ص ٨٠/رقم ٥٨١٨) حديث صحيح.

1 / 102