القواعد النورانية الفقهية
محقق
د أحمد بن محمد الخليل
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
تصانيف
القواعد الفقهية
مِنْهُ: تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» " فَإِنَّهُ رَآهُ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ رَآهُ أَكَلَ لَحْمَ غَنَمٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ صِيغَةً عَامَّةً فِي ذَلِكَ، وَلَوْ نَقَلَهَا لَكَانَ فِيهِ نَسْخٌ لِلْخَاصِّ بِالْعَامِّ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ شُمُولُهُ لِذَلِكَ الْخَاصِّ عَيْنًا، وَهُوَ أَصْلٌ لَا يَقُولُ بِهِ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ.
هَذَا مَعَ أَنَّ أَحَادِيثَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، بَلْ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ، وَلَكِنَّ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد: أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهَا مُسْتَحَبٌّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَالْوَجْهَ الْآخَرَ: لَا يُسْتَحَبُّ.
فَلَمَّا جَاءَتِ السُّنَّةُ بِتَجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الْجُسْمَانِيَّةِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْهَا كَذَلِكَ جَاءَتْ بِتَجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الرُّوحَانِيَّةِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْهَا، حَتَّى قَالَ ﷺ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمُنْخَرَيْهِ مِنَ الْمَاءِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ»، وَقَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» . فَعَلَّلَ الْأَمْرَ بِالْغُسْلِ بِمَبِيتِ الشَّيْطَانِ عَلَى خَيْشُومِهِ؛ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ السَّبَبُ لِغَسْلِ يَدِ الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ.
وَكَذَلِكَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَقَالَ: «إِنَّهَا جِنٌّ خُلِقَتْ مِنْ جِنٍّ»، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ
1 / 29