80

القواعد النورانية الفقهية

محقق

د أحمد بن محمد الخليل

الناشر

دار ابن الجوزي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢ هجري

فَقَالَ: أَوَلَيْسَ تِلْكَ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا أُمَّ لَكَ؟» ".
وَهَذَا يَعْنِي بِهِ: أَنَّ ذَلِكَ الْإِمَامَ كَانَ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ، فَكَانَ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُصَلِّي خَلْفَهُمْ عكرمة لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ إِمَامًا حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عكرمة حَتَّى أَخْبَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا نَفْسُ التَّكْبِيرِ فَلَمْ يَكُنْ يَشْتَبِهُ أَمْرُهُ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ عَامَّةَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ بَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ وَنَحْوُهُ، فَيَظُنُّ أَكْثَرُ النَّاسِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ هِيَ السُّنَّةَ، بَلْ هُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بِالتَّوَاتُرِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ لَا يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ دَائِمًا، كَمَا أَنَّ بلالا لَمْ يَكُنْ يَجْهَرُ بِذَلِكَ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ، لَكِنْ إِذَا احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ لِضَعْفِ صَوْتِ الْإِمَامِ أَوْ بُعْدِ الْمَكَانِ فَهَذَا قَدِ احْتَجُّوا لِجَوَازِهِ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ﵁ كَانَ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَرَضِهِ، حَتَّى تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي جَهْرِ الْمَأْمُومِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ يُبْطِلُ صَلَاتَهُ أَمْ لَا؟ .
وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: " «صَلَّيْتُ خَلَفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَخَذَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ بِيَدِي فَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا بِصَلَاةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، أَوْ قَالَ: لَقَدْ صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ ﷺ» " وَلِهَذَا لَمَّا جَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ سَمِعَهُ عمران ومطرف كَمَا سَمِعَهُ غَيْرُهُمَا.

1 / 100