القواعد النورانية الفقهية
محقق
د أحمد بن محمد الخليل
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
تصانيف
القواعد الفقهية
﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ٦٣] [الْفُرْقَانِ] قَالَ الحسن وَغَيْرُهُ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، فَأَخْبَرَ أَنَّ عِبَادَ الرَّحْمَنِ هُمْ هَؤُلَاءِ، فَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْحَرَكَةِ، فَكَيْفَ الْأَفْعَالُ الْعِبَادِيَّةُ؟ ثُمَّ كَيْفَ بِمَا هُوَ فِيهَا مَنْ جِنْسِ السُّكُونِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؟ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ تَقْتَضِي السَّكِينَةَ فِي الِانْتِقَالِ كَالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالنُّهُوضِ وَالِانْحِطَاطِ، وَأَمَّا نَفْسُ الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ بِالِانْتِقَالِ كَالرُّكُوعِ نَفْسِهِ وَالسُّجُودِ نَفْسِهِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَنْفُسِهِمَا، وَهَذِهِ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا سُكُونٌ فَمَنْ لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا لَمْ يَأْتِ بِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَهْوَى إِلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ، كَمَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى الطَّعَامِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى فِيهِ وَلَمْ يَطْعَمْهُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ [الحج: ٧٧] [الْحَجِّ: ٧٧]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ - خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم: ٤٢ - ٤٣] [الْقَلَمِ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ - وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: ٢٠ - ٢١] [الِانْشِقَاقِ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥] [السَّجْدَةِ]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ [العلق: ١٩] [الْعَلَقِ: ١٩]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ [الحج: ١٨] [الْحَجِّ: ١٨] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي لَا يَسْجُدُ لِلَّهِ مِنَ النَّاسِ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٦] [الْإِنْسَانِ]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: ٩٨]
1 / 84