القواعد النورانية الفقهية
محقق
د أحمد بن محمد الخليل
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
تصانيف
القواعد الفقهية
بِهِ مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ، إِذْ قَدْ يُرَادُ بِهَا ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ»، فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَا سَنَّهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ أَعْظَمَ مِمَّا سَنَّهُ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ ﷺ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّكُمْ لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ "، وَمِنْهُ قَوْلُهُ ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» .
وَلِأَنَّ اللَّهَ ﷾ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَذَمَّ الْمُصَلِّينَ السَّاهِينَ عَنْهَا الْمُضَيِّعِينَ لَهَا، فَقَالَ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣]، وَإِقَامَتُهَا تَتَضَمَّنُ إِتْمَامَهَا بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: " «أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي» "، وَفِي رِوَايَةٍ: " «أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» "، وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ دَلَالَةِ ذَلِكَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّهُ ﷾ قَالَ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] [النِّسَاءِ: ١٠١]، فَأَبَاحَ اللَّهُ الْقَصْرَ مِنْ عَدَدِهَا وَالْقَصْرَ مِنْ
1 / 62