104

القواعد النورانية الفقهية

محقق

د أحمد بن محمد الخليل

الناشر

دار ابن الجوزي

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢ هجري

وَأَمَّا فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ كأحمد وَغَيْرِهِ فَيُجَوِّزُونَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ؛ لِمَجِيءِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ بِهِمَا، وَإِنِ اخْتَارُوا الْقُنُوتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَقْيَسُ؛ فَإِنَّ سَمَاعَ الدُّعَاءِ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِ الْعَبْدِ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " فَإِنَّهُ يُشْرَعُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ دُعَائِهِ، كَمَا بُنِيَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ، أَوَّلُهَا ثَنَاءٌ وَآخِرُهَا دُعَاءٌ.
وَأَيْضًا فَالنَّاسُ فِي شَرْعِهِ فِي الْفَجْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَنْسُوخٌ؛ فَإِنَّهُ قَنَتَ ثُمَّ تَرَكَ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَمَنْ قَالَ: الْمَتْرُوكُ هُوَ الدُّعَاءُ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ أَوْ بَلَغَتْهُ فَلَمْ يَتَأَمَّلْهَا؛ فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ عَنِ الْقُنُوتِ هَلْ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ، قَالَ: فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي أَنَّكَ قُلْتَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ، قَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [قَبْلَ] الرُّكُوعِ، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إِلَى قَوْمٍ مُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ، فَقَنَتَ ﷺ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ»، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أحمد والحاكم

1 / 124