70

القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه المحلى

الناشر

المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة أم القرى كلية الشريعة والدراسة الإسلامية الدراسات العليا الشرعية شعبة الفقه

سنة النشر

١٤٢٧ هجري

مكان النشر

مكة المكرمة

ثانياً: المزايا والصفات الخُلُقية ( ):

مزايا ابن حزم الخُلقية ومناقبه كثيرة يطول المقام بذكرها، لكنني سأكتفي هنا بذكر أبرزها، وهي :

١- عُرف ابن حزم بتدينه وصلاحه، وزهده في الدنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولوالده، وشدة ورعه، وعفّته وطهره، مما صدّه عن الوقوع في الرذائل، وحسبنا من ذلك أنه عاش في أول حياته بين الجواري والحِسَان، ولكنه مع ذلك لم يُقارف معصية، ولم يُباشر فاحشة.

يقول عن نفسه - في كتابه : ( طوق الحمامة ) - أثناء حديثه عن قبح المعاصي : "ومع هذا يعلم الله - وكفى به عليماً - أني بريء الساحة، سليم الأديم، صحيح البشرة، نقي الحجرة، وإني أُقسم بالله أجلَّ الأقسام، أني ما حللت مئزري على فرْج حرام قطّ، ولا يُحاسبني ربي بكبيرة الزنا مذْ عقلت إلى يومي هذا، والله المحمود على ذلك، والمشكور في ما مضى، والمسْتَعْصَم فيما بقي " (٢).

٢- ومن أبرز صفاته - صفة الوفاء، فلقد كان من أشد الناس اتصافاً بالوفاء، مما جعله وفياً لدينه وأصدقائه وشيوخه، ولكل من يلاقيه ويُخالطه.

فعن خُلقه هذا يقول: " ... لا أقول قولي هذا ممتدحاً، ولكن آخذاً بأدب الله عز وجل: ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ . لقد منحني الله من الوفاء لكل من يَمُتُّ إليّ بِلُقْية واحدة، ووهبني من المحافظة لمن يتذمَّم منّي، ولو بمحادثة ساعة واحدة، حظاً أنا له شاكر وحامد، ومنه مُستمدّ ومُستزيد، وما شيء أثقل عليّ من الغدر، ولَعمري ما

(١) ينظر في مزايا ابن حزم الخُلُقية: الأخلاق والسير، ابن حزم، وقد تعرّض لكثير من سجاياه في مواطن متفرقة من هذا الكتاب، أذكر منها على سبيل المثال، ص ٧٨، ١٠٧، ١٠٨، ١١٣، ١١٤، ١٤٩، ١٦٢، الصلة ٢/ ٣٩٥، العِبر ٢٤١/٣، مرآة الجنان ٧٩/٣، شذرات الذهب ٢٤٠/٥.

(٢) طوق الحمامة، ص١٦٩.

(٣) سورة الضحى الآية (١١).

70