37

القواعد الفقهية: المبادئ، المقومات، المصادر، الدليلية، التطور

الناشر

مكتبة الرشد وشركة الرياض

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هجري

مكان النشر

الرياض

٤ - وإذا كان التعرّف على أحكام الجزئيات يمثّل عملية التخريج، فيبدو لنا - والله أعلم - أنه يكفي في تعريف القاعدة أنها: قضيّة كلّية، كما جاء في تعريف صدر الشريعة، أو ما أشبه ذلك من قولهمْ أمر كلّي أو حكم كلّي، وإن كنّا نرجح استعمال القضيّة، بدلاً من هذه الألفاظ، للأسباب التي ذكرناها عند التعرض إلى التعريفات التي جاءت فيها هذه الألفاظ.

أمّا الإضافة المذكورة فيما بعد فليس فيها جديد يضاف إلى التعبير المذكور، لأنّ كلّ قضيّة كليّة لا تكون إلاّ وهي شاملة لجزئيات موضوعها، والحكم فيها حكم على هذه الجزئيات. فأحكام الجزئيات معلومة بالقوّة، والعالم هو الذي يُخْرِجُها من القوّة إلى الفعل بضمّ الصغريات إليها. وعلى هذا فإنّنا نستطيع أن نقول: إنّ التعريفات التي صرّحت بذلك، انتظمت أمرين:

الأول: تعريف القاعدة، وهو قولهم قضيّة كليّة، أو أمر كلّي، أو حكم كلّي.

والثاني: عملية التخريج، بتطبيق القاعدة على الجزئيات، وهو قولهم لتتعرّف أحكامها منها. فالتعريفات زادت على معنى القاعدة، ما هو من ثمراتها المترتّبة عليها، كما أنّ القضية لا يمكن أن تكون كلّية إلّا وهي منطبقة على جميع جزئياتها. وبناء على ذلك يمكن القول: إنّ كل قضيّة كلية هي قاعدة، أيّا كان مجالها. فقولنا: كل شاعر مرهف الحسّ، قضيّة كلية محكوم فيها على كلّ أفراد موضوعها، فهي قاعدة، وقولنا: كل فاعل مرفوع قضيّة كلية محكوم فيها على كل أفراد موضوعها فهي قاعدة أيضًا، وهكذا يمكن إجراء هذا على كلّ قضيّة من هذا القبيل، واللَّه أعلم.

37