المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد
الناشر
دار عالم الكتب
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
(القسم الثاني) المفتي الذي ليس بمستقل، ومن دهر طويل عدم المفتيّ المستقل، وصارت الفتوى إلى المنسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة وللمفتي المنتسب أربعة أحوال:
أحدهما: أن لا يكون مقلداً لإمامه لا في المذهب ولا في دليله لاتصافه بصفة المستقل، وإنما ينسب إليه لسلوكه طريقه في الاجتهاد، وأدعى الأستاذ أبو إسحاق هذه الصفة لأصحابنا فحكى عن أصحاب مالك رحمه الله وأحمد وداود وأكثر الحنفية أنهم صاروا إلى مذاهب أئمتهم تقليداً لهم، ثم قال والصحيح الذي ذهب إليه المحققون ما ذهب إليه أصحابنا وهو أنهم صاروا إلى مذهب الشافعي لا تقليداً له بل وجدوا أطرقه في الاجتهاد والقياس أسد الطرق ولما لم يكن لهم بد من الاجتهاد سلكوا طريقه فطلبوا معرفة الأحكام بطريق الشافعي وذكر أبو علي السنجي (بكسر السين المهملة) نحو هذا فقال إتبعنا الشافعي دون غير لأنا وجدنا قوله أرجح الأقوال وأعدلها لا أنا قلدناه.
(قلت) هذا الذي ذكراه موافق لما أمرهم به الشافعي ثم المزني في أول مختصره وغيره بقوله: "مع إعلامية نهيه عن تقليده وتقليد غيره" قال أبو عمرو" دعوى انتفاء التقليد عنهم مطلقاً لا يستقيم ولا يلائم المعلوم من حالهم أو حال أكثرهم: وحكى بعض أصحاب الأصول هنا لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل، ثم فتوى المفتيّ في هذه الحالة كفتوى المستقل في العمل بها والإعتداد بها في الإجماع والخلاف.
74