المقدمة في الأصول - ابن القصار - ط العلمية
محقق
محمد حسن محمد حسن إسماعيل
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
النبي ﷺ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" (^١): إن ذلك له إذا رآه الإِمام؛ لأن رسول اللَّه ﷺ قد كان قبل ذلك قسم أسْلابًا كثيرة، ولم يبلغني أنه قال ذلك إلا يوم حُنَيْن.
قال القاضي أَبُو بَكْرٍ البَاقِلاني: وقد قال مَالِكُ: لا يجوز أن يتأخر البيان عن وقت الحاجة فهذا يدل على أنه يجوز تأخيره عن وقت النزول.
وكان شيخنا أبُو بكْرٍ بْنُ صَالِح الأبهريُّ ﵀ يمنع من ذلك، ويقول: لا يجوز أن يتأخَّر البيان عن وقت ورود الخطاب -والحجة لمن جوز تأخيره عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ما روي أن النبي ﷺ "أَمَرَ مُعَاذًا أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَ اليَمَنِ أَنَّ عَلَيْهِمْ زَكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقرائِهِمْ" (^٢).
فأعلمهم مُعاذ ذلك، ثم كان بيان شرائع الزكاة، ووجوهها يقع لهم على مقدار الحاجة، حتى سألوه عن وقَص البقر، فأخبرهم أنه لم يسمع من النبي ﷺ فيه شيئًا، ولا معنى لمن ينكره؛ لأن ذلك لو كان ممتنعًا غير جائز لم يخل أن يكون ممتنعًا بالعقل أو بالشرع، ولسنا نعلم في العقول امتناعه ولا في الشرع أيضًا ما يمنعه.
والحجَّةُ لمن منع ذلك أن المخاطب لا يدري ما يعتقد فيه قبل ورود البيان له وأن رسول اللَّه ﷺ إذا كان البيان يجري على يديه، فقد يجوز أن تخترمه المَنِيَّة قبل البيان، وقال تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: الآية ٤٤].
بَابُ الْقَوْلِ فِي خِطَابِ الْوَاحِدِ هَلْ يَكُونُ خِطَابًا لِلْجَمِيعِ (^٣)
قال القاضي أبُو بَكْرٍ إذا خاطب النبي ﷺ العَيْن الواحدة، هل يكون خطابًا للجميع مع المشاركة في الجنس أم لا؟
لا نعرف عن مالك نصًّا في ذلك والذي يدل عليه في ذلك مذهبه أن الخطاب خطاب اللَّه تعالى وخطاب رسول اللَّه ﷺ العين من الأعيان خطابًا للجميع، وذلك أن مالكًا روى حديثًا عن أبي هريرة في الموطأ (أن رجلًا أفطر في رمضان في زمن رسول اللَّه ﷺ فأمره رسول اللَّه ﷺ أن يَعْتِقَ رقبة أو يطعم ستين مسكينًا، أو يصوم شهرين متتابعين) (^٤) الحديث.
_________
(^١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥، والبخاري ٨/ ٣٤ - ٣٥، ومسلم ٣/ ١٣٧٠.
(^٢) أخرجه البخاري ٣/ ٣٠٧، ومسلم ١/ ٥٠، والترمذي ٣/ ٢١.
(^٣) انظر البحر المحيط ٣/ ١٨٩، ١٩٠.
(^٤) أخرجه البخاري ٤/ ١٩٣، ومسلم ٢/ ٧٨١، ومالك في الموطأ ١/ ٢٩٧، وأبو داود ٢/ ٣١٤، =
1 / 36