المنتخب من كتب شيخ الإسلام
الناشر
دار الهدى للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الفرق بين الباغي أو الظَّالم المتأوِّل وغير المتأوِّل
(وكل من كان باغيًا، أو ظالمًا، أو معتديًا، أو مرتكبًا ما هو ذنب؛ فهو «قسمان»: متأول، وغير متأول؛ فالمتأول المجتهد: كأهل العلم والدين، والذين اجتهدوا، واعتقد بعضهم حل أمور واعتقد الآخر تحريمها، كما استحل بعضهم بعض أنواع الأشربة وبعضهم بعض المعاملات الربوية، وبعضهم بعض عقود التحليل والمتعة، وأمثال ذلك؛ فقد جرى ذلك وأمثاله من خيار السلف؛ فهؤلاء المتأولون المجتهدون غايتهم أنهم مخطئون، وقد قال الله تعالى: ﴿رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إنْ نَسينا أوْ أخْطَأْنا﴾، وقد ثبت في «الصحيح» أن الله استجاب هذا الدعاء (١) .
وقد أخبر سبحانه عن داود وسليمان ﵉ أنهما حكما في الحرث وخص أحدهما بالعلم والحكم مع ثنائه على كل منهما بالعلم والحكم، والعلماء ورثة الأنبياء، فإذا فهم أحدهم من المسألة ما لم يفهمه الآخر لم يكن بذلك ملومًا ولا مانعًا لما عرف من علمه ودينه، وإن كان ذلك مع العلم بالحكم يكون إثمًا وظلمًا، والإصرار عليه فسقًا، بل متى عُلم تحريمه ضرورة كان تحليله كفرًا؛ فالبغي هو من هذا الباب) (٢) .
* * *
(١) تقدم قريبًا.
(٢) * «مجموع الفتاوى» (٣٥ / ٧٥) .
1 / 189