المنتخب في تفسير القرآن الكريم
الناشر
المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
رقم الإصدار
الثامنة عشر
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
طبع مؤسسة الأهرام
تصانيف
١٩٨ - ولقد كان منكم من يجد حرجًا فى مزاولة التجارة وابتغاء الرزق فى موسم الحج، فلا حرج عليكم فى ذلك، بل لكم أن تزاولوا التكسب بطرقه المشروعة وتبتغوا فضل الله ونعمته، وإذا صدر الحجاج راجعين من عرفات بعد الوقوف بها، ووصلوا المزدلفة ليلة عيد النحر فليذكروا الله عند المشعر الحرام - وهو جبل المزدلفة - بالتهليل والتلبية والتكبير، وليمجدوه وليحمدوه على هدايته إياهم إلى الدين الحق والعبادة القويمة فى الحج وغيره، وقد كانوا من قبل ذلك فى ضلال عن صراط الهدى والرشاد.
١٩٩ - وقد كان قوم من العرب - وهم قريش - لا يقفون مع الناس فى عرفات مع علمهم أنه موقف أبيهم إبراهيم، وذلك ترفعًا أن يساووا غيرهم وهم أهل بيت الله وقطان حرمه، وزعمًا منهم أن ذلك تعظيم للحرم الذى لا يريدون الخروج منه إلى عرفات، وهى من الحلال لا من الحرام، فطالبهم الله بأن يقلعوا عن عادات الجاهلية ويقفوا بعرفات ويصدروا عنها كما يصدر جمهور الناس، فلا فضل لأحد على الآخر فى أداء العبادة، وعليهم أن يستغفروا الله فى هذه المواطن المباركة فذلك أدعى أن يغفر الله لهم ما فرط منهم من الذنوب والآثام ويرحمهم بفضله.
٢٠٠ - وإذا فرغتم من أعمال الحج وشعائره فدعوا ما كنتم عليه فى الجاهلية من التفاخر بالآباء وذكر مآثرهم، وليكن ذكركم وتمجيدكم لله فاذكروه كما كنتم تذكرون آباءكم، بل اذكروه أكثر من ذكر آبائكم لأنه ولى النعمة عليكم وعلى آبائكم، ومواطن الحج هى مواطن الدعاء وسؤال الفضل والخير والرحمة من عند الله، وقد كان فريق من الحجاج يقصر دعاءه على عرض الدنيا وخيراتها ولا يلقى بالًا للآخرة فهذا لا نصيب له فى الآخرة.
٢٠١ - ومن الناس من وفَّقه الله فاتجه بقلبه إلى طلب خيرى الدنيا والآخرة، ودعا الله أن يجنبه شر النار وعذابها.
٢٠٢ - فهؤلاء يعطون ما قُدِّر لهم مما كسبوه بالطلب والركون إلى الله. والله يجزى كلًا بما يستحق، وهو سريع الحساب والجزاء.
1 / 46