المحرر في علوم القرآن
الناشر
مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
تصانيف
كما وقع الوهم عند بعض العلماء، فظنَّ أن جبريل ﵇ يأخذه من السفرة في بيت العزَّة فيُنجِّمه على رسول الله ﷺ.
فهذا النُّزول الجملي متعلق بأهل السماء الدنيا؛ إذ ليس فيه أثر يتعلق بأهل الأرض، أما ابتداء نزوله الذي قال الله فيه: ﴿هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: ١٨٥] فهو متعلق بأهل الأرض؛ لأن فيه هدايتهم كما نصت الآية.
النُّزول المفرَّق:
القرآن جزء من الوحي الذي كان ينْزل على رسول الله ﷺ، وكان من حكمة الله الخبير الموافقة لمواقع الأمور أن يجعل بعض القرآن متوافقًا في نزوله مع ما يحدث في أيام نبيه محمد ﷺ، بحيث يكون فيه حلٌّ لإشكالات تقع، وإرشادٌ في مسائل تحدث، وتثبيتٌ لقلب النبي ﷺ في قضاء وقع ... إلخ ذلك مما تقتضيه الحاجة من نزول بعض الآيات والسور.
وقد تتابع تنْزيله على رسول الله ﷺ طوال فترة بعثته على حسب الخلاف الوارد في مدة نبوته (عشرين سنة، أو ثلاثٍ وعشرين سنة) (١).
النُّزول السنوي:
هذا النوع من النُّزول مما لم يُشر إليه من كَتب في تنَزلات القرآن، وقد أشار إليه مقاتل بن سليمان (ت١٥٠هـ) في تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]، قال: «قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ يعني القرآن؛ أنزله الله ﷿ من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، إلى السفرة - وهم الكتبة من الملائكة - وكان ينْزل تلك الليلة من الوحي على قدر ما ينْزل به
(١) اتفق العلماء على أن رسول الله ﷺ مكث عشر سنين بعد الهجرة، ووقع خلافهم في المدة التي مكثها في مكة هل هي عشرٌ أو ثلاث عشرة سنة؟ والثاني هو الصحيح؛ لأنه ﷺ نُبِّئ وعمره أربعون سنة، وتوفي ﷺ وعمره ثلاثٌ وستون سنة، والله أعلم.
1 / 75