105

المحرر في علوم القرآن

الناشر

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

تصانيف

١ - أورد بعض العلماءِ ضابطًا يتعلق بالخطاب، فقد ورد عن ابن مسعود ﵁ (ت٣٢هـ) أنه قال: «ما كان ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أنزل بالمدينة وما كان ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ فبمكة». وهذا الضابط أغلبي، وليس كليًّا؛ لأنه ورد في القرآن المدني الخطاب بيا أيها الناس، فقد أجمع العلماء على أن سورة النساء مدنية، وأولها: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: ١]، فانخرم بهذا أن يكون الخطاب بهذين الوصفين ضابطًا مُطَّردًا في معرفة المكي والمدني. ويلاحظ أن بعض من كتب في المكي والمدني جعل من هذا الضابط (الخِطابي) اصطلاحًا ثالثًا أضافه إلى الاصطلاح المكاني والزماني. وجَعْلُ هذا الضابط قولًا ثالثًا في تعريف المكي والمدني ضعيف جدًّا، بل لا يُتصوَّر القول به؛ لأنه لا يُتصور أن يخفى على أحد من أهل العلم أن أكثر السور - فضلًا عن الآيات - لا يوجد فيها الخطاب بهذين الخطابين، والله أعلم. ٢ - عن عروة بن الزبير (ت٩٤هـ) قال: «كل شيء نزل من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون؛ فإنما نزل بمكة. وما كان من الفرائض والسنن؛ فإنما نزل بالمدينة» (١). وهذا الضابط أغلبيٌّ أيضًا؛ لأنه ورد في القرآن المدني شيءٌ من ذكر الأمم والقرون - كقصة آدم وإبليس وقصة موسى في سورة البقرة المدنية ـ، لكنه في القرآن المكي أكثر. كما أنه من جهة الفرائض والسنن أغلبي كذلك؛ لأن بعض الأحكام قد فُرِضت بمكة، لكن أكثر الأحكام وتفاصيلها إنما نزلت بالمدينة لما

= تحقيق: د. أحمد حسن فرحات (ص١١٤ - ١١٥)؛ والسيوطي في الإتقان في علوم القرآن (١:٤٧ - ٤٩). (١) أخرجه أبي شيبة برقم (٣٠١٤٠).

1 / 113