المغني شرح مختصر الخرقي
محقق
الدكتور عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو
الناشر
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[قال الشيخُ الإِمامُ العالمُ العاملُ شيخُ الإِسلام، قُدْوةُ الأنام، مَجْمُوعُ الفضائل، مُوَفَّقُ الدين أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن قُدامَةَ المَقْدِسِىُّ، قَدَّس اللهُ رُوحَه، وَنوَّر ضَرِيحَهُ:] (١)
الحمدُ للَّه بارِئِ الْبَرِيَّات، وغافِر الخَطِيَّات، وعالِمِ الخَفِيَّات، المُطّلِعِ على الضمائِرِ والنِّيَّات، أحاط بكلِّ شَئٍ عِلْما، وَوَسِعَ كُلَّ شَئٍ رحمةً وحِلْما، وَقَهَرَ كُلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكْمًا ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ (٢)، لا تدركُه الأبصار، ولا تُغيِّره الأعْصار، ولا تَتَوهَّمه الأفكار، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ (٣)، أتْقَن ما صنَع وأحْكَمه، وأحْصَى كُلَّ شَئٍ وعلمَه، وخلق الإِنسانَ وَعَلَّمَهُ، ورفع قَدْرَ العِلْمِ وعظَّمه، وحظَره على من استرْذَله وحَرَّمَه، وخَصَّ به مِن خَلْقِه مَن كرَّمه، وحَضَّ عبادَه المؤمنين على النَّفِيرِ لِلتَّفَقُّهِ في الدين، فقال تعالى وهو أصدق القائلين: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (٤)، نَدَبَهم إلى إِنْذَارِ بَرِيَّتِه، كَما نَدَب إلى ذلك أهلَ رسالتِه، ومَنحهم ميراثَ أهلِ نُبُوَّتِه، وَرَضِيَهم للقيامِ بحُجَّتِه، والنِّيابةِ عنه في الإِخبارِ بشريعتِه، واخْتَصَّهم مِن بينِ عبادِه بخَشْيتِه، فقَال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٥)، ثم أمَر سائِرَ الناسِ
_________
(١) في م: "قال الإمام العالم الأوحد، الصدر الكامل، السيد الفاضل، شيخ الإِسلام، سيد العلماء، إمام أهل السنة، بقية السلف، مفتى الأمة، موفق الدين، أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى، رضى اللَّه عنه وأرضاه، كما اختاره لنصر دينه وارتضاه".
(٢) سورة طه ١١٠.
(٣) سورة الرعد ٨.
(٤) سورة التوبة ١٢٢.
(٥) سورة فاطر ٢٨.
1 / 3