213

المغني شرح مختصر الخرقي

محقق

عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

الناشر

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٧ هجري

مكان النشر

الرياض

ولأنَّها طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ، فلم تَصِحَّ بغير نِيَّةٍ [كالتَّيَمُّمِ، أو عبادةٌ، فافْتَقَرتْ إلى النِّيَّةِ كالصلاةِ] (٧)، والآيةُ حُجَّةٌ لنا، فإنَّ قَوْلَه: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾. أي: للصَّلاةِ، كما يُقالُ: إذَا لَقِيتَ الأَمِيرَ فَتَرَجَّلْ. أي: له. وإذا رَأَيْتَ الأَسَدَ فاحْذَرْ. أي: منه. وقَوْلُهم: ذَكَر كُلَّ الشَّرَائِطِ. قُلْنا: إنَّمَا ذَكَرَ أَرْكَانَ الوُضُوءِ، وبَيَّنَ النبيُّ ﷺ شَرْطَه كآيةِ التَّيَمُّمِ. وقَوْلُهم: مُقْتَضَى الأَمْرِ حُصُولُ الإِجْزَاءِ. قُلْنَا: بَلْ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الفِعْلِ، وهو واجِبٌ، فاشْتُرِطَ لِصِحَّتِه شَرْطٌ آخرُ، بدَلِيلِ التَّيَمُّمِ. وقَوْلُهم: إنَّها طَهَارَةٌ. قُلْنَا: إلا أنها عِبادَةٌ، والعِبَادَةُ لا تَكُونُ إلَّا مَنْوِيَّةً، لأنَّها قُرْبَةٌ إلَى اللَّه تَعالَى، وطَاعَةٌ لَهُ، [وامْتِثَالٌ لأَمْرِه، ولا يَحْصُلُ] (٨) ذلك بغَيْرِ نِيَّةٍ.
فصل: ومَحَلُّ النِّيَّةِ القَلْبُ؛ إذْ هِىَ عِبَارَةٌ عَنِ القَصْدِ، ومَحَلُّ القَصْدِ القَلْبُ، فَمَتَى اعْتَقَدَ بقَلْبِه أجْزَأَهُ، وإنْ لَمْ يَلْفِظْ بلِسَانِهِ [وإنْ لَفَظَ بلِسانهِ ولم] (٩) تَخْطُرِ النِّيَّةُ بقَلْبِه لم يُجْزِه. ولو سَبَقَ لِسانُه إلَى غيرِ ما اعْتَقَدَهُ لَمْ يَمْنَعْ ذلك صِحَّةَ ما اعْتَقدَهُ (١٠) بقَلْبِه.
فصل: وصِفَتُها أن يَقْصِدَ بِطَهَارته اسْتِباحَةَ شيءٍ لا يُسْتَباحُ إلَّا بها، كالصَّلاةِ

= في ترك الحيل. صحيح البخاري ١/ ٢، ٣/ ١٩١، ٥/ ٧٢، ٧/ ٤، ٥٨، ٨/ ١٧٥، ٩/ ٢٥، ٢٩. ومسلم، في: باب قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنية، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٣/ ١٥١٥، ١٥١٦. وأبو داود، في: باب فيما عنى به الطلاق والنيات، من كتاب الطلاق، سنن أبي داود ١/ ٥١٠. والنسائي، في: باب النية في الوضوء، من كتاب الطهارة، وفى: باب الكلام إذا قصد به فيما يحتمل معناه، من كتاب الطلاق، وفى: باب النية في اليمين، من كتاب الأيمان. المجتبى ١/ ٥١، ٦/ ١٢٩، ٧/ ١٢، ١٣. وابن ماجه، في: باب النية، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٤١٣. والترمذي، في: باب ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا، من كتاب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذى ٧/ ١٥١، ١٥٢. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٥، ٤٣.
(٧) سقط من: م.
(٨) في الأصل: "وامتثال أمره لا يحصل".
(٩) في م: "وإن لم".
(١٠) في الأصل: "قصده".

1 / 157