المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤) ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م
تصانيف
وهذا مشروط بفهم يؤتيه الله عبده» ١.
(٢) وما يزال الإنسان يتعلّم، ويرقى في العلم حَتَّى يصبح علمه خيرًا له، إن جاء وفق ما شرع الله على لسان نبيه ﷺ أو وبالًا عليه إن كان اتباعًا لهوى، أو اقتداء بمبتدع.
(٣) ووعي الإنسان، وإدراكه، وحسن تقبّله للعلم مما يعطي الله عباده، أو يمنعه، بيَّن ذلك رسول الله ﷺ في حديث معاوية بن أبي سفيان يرفعه: " مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي " ٢.
فالأمانة الَّتِي تحمّلها الرسول ﷺ البلاغ للجميع بما أوحى الله إليه، بلا تمييز بينهم، ولا تقصير في حقِّ أحدهم، ولا تخصيص لأحد دون آخر. فقسمته في البشارة، والنذارة، بين النّاس، قسمة عدل، وإنصاف، وفيها تجرّد مطلق عن هوى، أو عصبية، ثمَّ الله يعطي فهم هذه الشريعة، بمفرداتها، ومجموعها، لمن يشاء من عباده، وأراد له الخير، ويمنعه عمّن يشاء بعدله، وحكمته.
(٤) ويتأثّر الإنسان بما حوله، وبمن حوله في سلوكه، وأخلاقه منذ مراحل تكوين شخصيته المبكّرة، مما يشكّل في مجموعه - غالبًا - محور شخصية هذا المخلوق في مستقبل أيام حياته. ومصداق ذلك قوله ﷺ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ " ٣.
_________
١ أعلام الموقعين (١/٢٦٨) .
٢ أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا، ومسلم في الزكاة، باب النهي عن المسألة، كلاهما عن معاوية بن أبي سفيان.
٣ رواه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يُصلى عليه، ومسلم في كتاب القدر (٢٢، ٢٣، ٢٤)، باب معنى كلّ مولد يولد على الفطرة. . كلاهما عن أبي هُرَيْرة ﵁.
1 / 267