المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤) ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م
تصانيف
هذا الفعل من النبي ﷺ كان اجتهادًا منه، حَتَّى أن ربّه جلّ وعلا عاتبه في ذلك في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم / ١] .
والرسول ﷺ من منطلق بشريته، وإنسانيته السوية يقع له مع أهل بيته من الخلافات، والمنازعات ما يمكن أن يقع بين أي ربّ أسرة مع أسرته.
وربما نغّص عليه ذلك النزاع، وأغضبه، ودفعه إلى اعتزال نسائه كلهن مدّة شهر من الزمان ١.
ولكنّه في كلّ الأحوال يبقى ذلك الإنسان الكريم، ذا الخلق العظيم. فلا يظلم، ولا يجور، ولا يقول إلا الحق.
وكان ﷺ يحرص على إرضاء أزواجه وفق مفهوم ما شُرِع لهن على أزواجهن من حقوق، يأتي في مقدمتها حسن المعاشرة. بالتلطف إليهن، والعدل والمساواة بينهن، وتجنب ما يكدر عليهن صفو حياتهن.
وذلك ليشرِّع للنّاس ما يتَّبعونه من آداب، وأخلاق فيما بينهم. فتحريمه العسل كان لإرضاء من أثّر في نفسها تأخره عند جارتها وقتًا أطول مما يمكثه عند الأخريات. وحلْفه عليها ألاّ تخبر أحدًا كان مراعاة لشعور زوجاته الأخريات اللاتي لم يطَّلعن على الخبر أساسًا.
فإذا نظرنا إلى نوع الفعل الَّذي وقع منه ﷺ وجدناه فعلًا لا تدخله شبهة
_________
١ صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة (٦٦) . . وكتاب النكاح، باب رقم (٨٣) .
وصحيح مسلم، كتاب الصيام، رقم: (٢٣، ٢٤) .
1 / 294