============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة القول في البدل: قالت المعتزلة وأهل العدل: إن الفعل إذا وقع ورآه الله موجودا/ كائنا، (17/-) فإن وجود ضده في تلك الحال محال لا معنى له، ولكن قد كان جائزا أن لا يوجد هذا الفعل ولا يكون في هذه الحال ويوجد منها مكانه ضدة.
قالوا: وقد يجوز أن يقال للإنسان: إنه تارك لضد فعله في حال وجود فعله، على معنى أنه ترك أن يأتي به، وقد كان قادرا قبل وقوع الفعل أن يأتي به، وليس يلزم أن يكون تاركا للمحال.
قالوا: وقد يجوز أن يقول الرجل لصاحبه: إنك تارك لزيارتنا منذ دهر.
وليس يلزم أن يكون تاركا للمحال، وقد يتمنى العاصي أن لا يكون عصيا أمس وليس متمنيا للمحال.
قالوا: وكذلك الكافر في حال كفره مأمور بالإيمان في ذلك الوقت منهي عن ذلك الكفر، على معنى أن الأمر كان يقدم بأن لا يفعل هذا الكفر الموجود وأن يفعل بدله ضده، لا على معنى أنه مأمور في هذا الوقت لأن لا يفعل المفعول الذي قدرآه الله مفعولا، لأن ما فعل ورآه الله موجودا محال أن يفعل ويوجد والله لا يأمر بالمحال.
وقالت المجبرة: قد يجوز وجود الكفر في حال الإيمان، وقد رأى الله الإيمان موجودا كائنا على معنى أنه لا يكون قد كان ما وجد وفعل، واعتلوا في تجويز ذلك بأنه قد كان قبل تلك الحال جائزا كونه في هذه الحال وبأن كونه متصور في الوهم أن لو كان كيف كان يكون.
وقال لهم خصومهم: فإن هاتين العلتين موجودتان في الفعل الموجود
صفحة ٣١٩