233

إن الآفة التي تتبع عضة الكلب الكلب عظيمة جدا. ومن أجل ذلك ينبغي أن يتوسع في ذكر علامات هذا الكلب ليهرب عنه الناس (أو يسرعون) بقتله. والكلب يكلب على الأكثر في صميم الصيف، وربما يكلب في الشتاء. وإذا كلب امتنع عن الأكل والشرب، وهرب من الماء إذا رآه وربما مات إذا هو رأى الماء. ويفتح فمه ويدلع لسانه ويسيل من فمه زبد ومن أنفه رطوبة وتحمر عيناه كالدم ويطأطئ رأسه نحو الأرض ويرخي أذنيه ويدس ذنبه بين رجليه، ويتخبط في حركته كالسكران، ويحمل على كل من يلقاه ويعضه ولا يعرف أربابه. وتهرب عنه الكلاب ولا ينبح إلا قليلا، وإذا نبح كان صوته أبح. فإن ظهرت هذه العلامات أو بعضها في كلب، فينبغي أن يبادر إلى قتله أو يهرب عنه. وإن من عضه هذا الكلب لم يظن أنه بحال سوء في أول أمره، وإن هذه ليست أكثر من عضة اعتيادية. لكنه بعد قليل تهيج به أعراض رديئة فيفزع من الماء، ولا يشربه وإذا رآه ارتعد وارتعش، وربما تشنج ومات. ويخاف من كل شيء رطب سائل، ويهرب منه حتى يموت عطشا. وربما كلب هو، فيحمل على الناس يعضهم ويصيب من عضه هذا الإنسان بمثل ما أصابه. وإن علمت أن الكلب الذي عض العليل فيه بعض هذه العلامات. فبادر من ساعتك، فضع على الموضع محجمة وليجاد شرطه ومصه حتى يسيل منه دم كثير. ويوضع على الموضع ما يوسعه ويمنع التحامه مثل السلق والجرجير والبصل مخبصة بالسمن والمرهم المقرح المتخذ من عسل البلاذر والزفت المذكور في بابه. وان كويته في أول ما يقع، عظم الانتفاع به. واستعمل المحاجم والكي إلى ثلاثة أيام. فإذا جاوز اليوم الثالث فلا تعذب العليل بذلك لأن السم قد سرى في بدنه. لكن لا تدع الجرح يلتحم على حال، بأن تضمده بالجرجير والسمن أو ببعض ما ذكرنا. وأقبل على العليل بالعلاج المحكم قبل أن يفزع من الماء بعد أسبوع أو أسبوعين، وإلى الأربعين يوما، وربما لم يفزع هؤلاء من الماء إلا بعد ستة أشهر أو سنة. وهؤلاء هم أصحاب الأمزاج الرطبة جدا، فابدأ في علاجهم بالإسهال وبالحبوب بالأدوية المذكورة في باب الماليخوليا. وأوسع عليهم في الغذاء ودبرهم بذلك التدبير بعينه من الغذاء والحمام، واسقهم اللبن والشراب الكثير المزاج بالماء. ورم أن تزداد أبدانهم خصبا على ما ذكرنا في باب الماليخوليا. وأوسع عليهم في الغذاء من اللحوم والحلو والشراب. وامرهم بكثرة النوم واللهو، وبالجملة فدبرهم بتدبير أصحاب الماليخوليا وأطعمهم خبز حواري محمص مبلول بماء كثير واسقهم دواء (السرطان لجالينوس). نسخة الدواء: يؤخذ سراطين نهرية فتحرق في قدر في تنور وهي حية ولا يفرط في حرقها ثم تسحق ثم يؤخذ منها عشرة أجزاء، ومن الجنطيانا خمسة أجزاء، ومن الكندر جزء واحد، ثم تجمع وينعم سحقها، ثم ترفع ويسقى منها العليل كل يوم درهمين غدوة، ومثلها عشية في الأيام التي لا تسهله فيها بماء بارد أياما كثيرة. فإن جالينوس زعم بأنه لم ير أحدا ممن سقي هذا الدواء ممن نهشه كلب كلب فزع من الماء. وإذا فزع العليل من الماء لم يكد يتخلص إلا أنه على حال تدخله مكانا باردا، ويحتال بأن توضع أنبوبة طويلة في فمه، ويصب الماء فيها من حيث لا يراه. وتغرق رأسه بالدهن وجسده كله واحقنه بماء الشعير ودهن الورد وعصير الأسفيوس أو البقلة الحمقاء ونحوهما ليسكن بعض عطشه. وقد كان عندنا في البيمارستان رجل قد عضه كلب كلب، فكان ينبح بالليل. ولم أره قط إذا قدم إليه الماء يفزع منه ويرتعد لكنه كان يستدعيه ويشكو شدة العطش. فإذا قرب إليه الماء تكلح وجهه. وعافه، وقال: فيه قذر فإذا سألناه أي قذر فيه قال مصارين الكلاب والسنانير، ثم طلب الماء وتضرع إلينا أن نجيئه بغيره. وإذا جئنا بغيره قال مثل قوله الأول وخاصمنا وغضب. وناشدنا الله أن نسقيه ماء نظيفا طيبا. وقد حكى جماعة من قدماء الأطباء أنه إذا عض إنسانا كلب ولم يعلم أكلب كلب كان أم غيره، فينبغي أن تؤخذ قطعة خبز ملطخة بالدم السائل من العضة، وتطرحها إلى كلب (آخر) فإن أكلها فإن العضة ليست عضة كلب كلب، وإن لم يأكلها، فإن العضة هي عضة كلب كلب. أو يؤخذ جوز ويدق ويضمد به الموضع ليلة ثم يطرح من غد إلى دجاجة أو ديك، فإنه لا يأكله وأما إن كان شديد الجوع جدا، وأكله فإنه يموت من غد. وينبغي إذا ظهرت هذه العلامات أن يبادر بتوسيع الجرح والعلاج المذكور. وإذا لم يظهر ذلك فينبغي أن يلحم الجرح فقط.

في سقي البيش:

من سقي البيش أخذه الدوار والصداع ثم توالى عليه الغشي وورم لسانه وجحظت عيناه. فينبغي أن يتقيأ مرات بعد أن يسقى كل يوم طبيخ بزر الشلجم مع سمن عتيق. فإذا قاء مرات طبخ البلوط بشراب وسقي منه أربع أواق مع نصف درهم دواء المسك قد سحق فيه قيراط مسك فائق. ومما يعظم نفعه منه سمن البقر والبادزهر الأخضر والأصفر الخالص الممتحن وترياق الأفاعي والجرارات والمتروديطوس. وينبغي إذا حضر أحد هذه الأدوية أن يبادر بسقيه من أحدها، وإن لم تحضر عولج بسائر ما ذكرنا. وقد ذكر قوم من القدماء أن أصول الكبر ببادزهر البيش هو سم قوي قل ما يتخلص منه.

في سقي قرون السنبل:

صفحة ٣٥٧