المنح العلية في بيان السنن اليومية
الناشر
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة والعشرون
سنة النشر
١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م
مكان النشر
السعودية
تصانيف
سُنَن الطعام
ولم أضع سُنَن الطعام ضمن السُّنَن الموقوتة؛ لأن الأكل، والشرب قد يكون عارضًا للإنسان في أي وقت، فيحتاج معه تطبيق السُّنن، ولأن أوقات الأكل وإن كانت في غالب واقعنا اليوم موقوتة، إلا أنها في عصر أولئك الأفذاذ عصر الصحابة، وكذا التابعين من بعدهم، وسلف هذه الأمَّة ليست في غالبها موقوتة، فهم لا يجدون كثيرًا مما نجد، والقصد أن كثيرًا منهم قد لا يجد في يومه ما يأكله فضلًا على أن يكون لديه طعام يأكله بوقت محدد!
فهذا نبي الأمَّة ﷺ ونبراسها، وخير البشرية، يدخل على عائشة ﵂ ذَاتَ يَوْمٍ ويقول: «يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا عِنْدَنَا شيءٌ، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ» (^١).
وفي حديث أبي هريرة ﵁ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إلاَّ مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلاَّ مَاءٌ، فَقَالَ: «مَنْ يُضيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ، ﵀»، حتى ضيفه رجلٌ من الأنصار (^٢).
وهكذا الصحابة وعلى رأسهم العمران أبو بكر، وعمر-﵃ أجمعين-، فعند
(^١) رواه مسلم برقم (١١٥٤).
(^٢) رواه مسلم برقم (٢٠٥٤).
1 / 142