المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
محقق
هشام بن اسماعيل بن علي الصيني
الناشر
دار ابن الجوزي
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
أمرُّ من الصِّبر، فمن لم يصبر على حرِّ الهواجر والأمطار والثلوج ومشقة الأسفار ولصوص الطريق وإلا فلا حاجة له في المتاجر، وهذا أمر معلوم عند الناس أن من صدق في طلب شيء من الأشياء بذل من الصبر في تحصيله بقدر صدقه في طلبه.
/ العاشر: أن يشهد معية الله معه إذا صبر، ومحبة الله له إذا صبر ورضاه، ومن كان الله معه دفع عنه من أنواع الأذى والمضرات ما لا يدفعه أحد من خلقه، قال تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٤٦] وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾(١) [آل عمران: ١٤٦].
[٦ق/ب]
العاشر: أن يشهد الصابر على أذى الخلق معية الله و محبته و رضاه.
الحادي عشر: أن يشهد أن الصبر نصف الإيمان، فلا يبذل من إيمانه جزاءً في نصرة نفسه، فإذا صبر فقد أحرز إيمانه وصانه من النقص، والله تعالى يدفع عن الذين آمنوا.
الحادي عشر: أن يشهد أن الصبـ نصف الإيمان فلا ينقص منه شيئاً.
الثاني عشر: أن يشهد أن صبره حكم منه على نفسه، وقهر لها وغلبة لها، فمتى كانت النفس مقهورة معه مغلوبة، لم تطمع في استرقاقه وأسره وإلقائه في المهالك، ومتى كان مطيعاً لها سامعاً منها مقهوراً معها، لم تزل به حتى تهلكه أو تتداركه رحمة من ربه.
/فلو لم يكن في الصبر إلا قهره لنفسه ولشيطانه فحينئذ يظهر سلطان القلب وتثبت جنوده، فيفرح ويقوى، ويطرد العدو عنه.
الثاني عشر: أن الصبر قهر للنفس مما يسهل عليـ انقيادها له.
[٧ق/أ]
الثالث عشر: أن يعلم أنه إن صبر فالله ناصره ولا بد، فالله وكيل من صبر وأحال ظالمه على الله، ومن انتصر لنفسه وكله الله إلى نفسه، فكان هو الناصر لها، فأين من ناصره الله - خير الناصرين - إلى من ناصره نفسه - أعجز الناصرين وأضعفه -.
الثالث عشر: أن يعلم أن الله ينصر من صبر على أذى الخلق.
(١) في الأصل كتبت: واصبر.
49