المجموع شرح المهذب - تكملة السبكي - ط التضامن
الناشر
مطبعة التضامن الأخوي
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَاوِيَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَائِلٌ بِهِ وَرَوَى الْحَاوِي كَلَامَ الشَّافِعِيِّ بِأَبْسَطَ مِمَّا فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَهُوَ يُبَيِّنُ مَا شَرَحْت بِهِ كَلَامَهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ إنَّهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ بَلْ إجْمَاعُ النَّاسِ مَا عَدَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ وَمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ (الْجَوَابُ الثَّالِثُ) أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسَيْنِ الْوَاحِدُ يَجُوزُ التَّمَاثُلُ فِيهِ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ نَسَاءً ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (الْجَوَابُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مُؤَجَّلًا بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عِنْدَهُ نَقْدٌ مَوْصُوفٌ فَيَبِيعَهُ بِعَرْضٍ مَوْصُوفٍ مُؤَجَّلًا ذَكَرَهُ النووي فهذه ثلاث تأويلات أوضحها وأشهرها ماقاله الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ حَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ أن يثبت كونه جوابا لسؤال سائل عنه بَلْ قَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ عَامًا وَيُحْمَلُ عَلَى الْخُصُوصِ بِدَلِيلٍ يَقْتَضِيهِ أَيُّ دَلِيلٍ كَانَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
* وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الثَّلَاثَةَ مُتَّفِقَةٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَقَدْ نَبَّهْتُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ فِيمَا أَمْكَنَ وَكَلَامُ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَقْتَضِي أَنَّ هُنَا مَانِعًا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ عُدَّةِ الْعَالَمِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ إنَّهُ إنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ جُمِعَ إلَى أَنْ يَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَعَارُضِهِمَا مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إلَّا أَنَّ الْجَمَاعَةَ اتَّفَقُوا عَلَى تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ فَالْأَكْثَرُ تَرَكُوا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَلِيلُ أَجْرَوْا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْعُمُومِ فَعَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ هَذِهِ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَى التَّرْجِيحِ
10 / 52