154

المجموع شرح المهذب

الناشر

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

مكان النشر

القاهرة

غَيْرِ فَضْلٍ يَدَيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَاتِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي أَنَّهُ ﷺ أَخَذَ لِرَأْسِهِ مَاءً جَدِيدًا: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ
ضَعِيفٌ فَإِنَّ رَاوِيَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَإِذَا كان ضعيفا لم يحتج بروايته لو لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ: وَلِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَدْ رَوَى شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فِي هذا الحديث فأخذ ماء جَدِيدًا فَمَسَحَ رَأْسَهُ مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخَّرَهُ: (الْجَوَابُ الثَّانِي) لَوْ صَحَّ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ مَاءً جديدا صب بَعْضَهُ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِبَقِيَّتِهِ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ: (الثَّالِثُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْفَاضِلَ فِي يَدِهِ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ لِلْيَدِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ على الصحيح وكذا في سائر نفل الطَّهَارَةِ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي حمله على بلل الغسلة الثانية وَالثَّالِثَةُ وَهُوَ مُطَهِّرٌ عَلَى الصَّحِيحِ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ اغْتَسَلَ وَتَرَكَ لُمْعَةً ثُمَّ عَصَرَ عَلَيْهَا شَعْرًا فَجَوَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ بين الدارقطني ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ ضَعْفَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّخَعِيِّ: الثَّانِي لَوْ صَحَّ لَحُمِلَ عَلَى بَلَلٍ بَاقٍ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ (الثَّالِثُ) أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْعُضْوِ وَهَذَا لَمْ يَنْفَصِلْ وَبَدَنُ الْجُنُبِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا تَرْتِيبَ فِيهِ: وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى مَا غُسِلَ بِهِ ثَوْبٌ وَعَلَى تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَدَّ بِهِ فَرْضٌ: وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى تَيَمُّمِ الْجَمَاعَةِ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا عَلَقَ بِالْعُضْوِ أَوْ سَقَطَ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَمَّا الْبَاقِي بِالْأَرْضِ فَغَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ قَطْعًا فَلَيْسَ هُوَ كَالْمَاءِ: وَأَمَّا طَعَامُ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّمَا جَازَ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى لِتَجَدُّدِ عَوْدِ الْمِلْكِ فِيهِ فَنَظِيرُهُ تَجَدُّدُ الْكَثْرَةِ فِي الْمَاءِ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ: وَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ من صفته شئ فَلَا يُسَمَّى مُسْتَعْمَلًا بِخِلَافِ الْمَاءِ وَتَغَيُّرُ الصِّفَاتِ مُؤَثِّرٌ فِيمَا أَدَّى بِهِ الْفَرْضَ.
كَالْعَبْدِ

1 / 155