138

المجموع شرح المهذب

الناشر

إدارة الطباعة المنيرية

مكان النشر

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ مَا يَبْقَى بَعْدَ مَا غُرِفَ نَجِسًا وجب أن يكون الذى عرفه نَجِسًا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ مَا يُغْرَفُ مِنْهُ يَنْفَصِلُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ فبقى على الطهارة: وان كانت النجاسة ذائبة جَازَتْ الطَّهَارَةُ بِهِ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا يَتَطَهَّرُ بِالْجَمِيعِ بَلْ يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ النَّجَاسَةِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ كَثِيرٍ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْجَمِيعَ إلَّا تَمْرَةً وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَتَمَيَّزُ بَلْ تَخْتَلِطُ بِالْجَمِيعِ فَلَوْ وَجَبَ تَرْكُ بَعْضِهِ لَوَجَبَ تَرْكُ جميعه بخلاف التمر) * (الشَّرْحُ) أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ إذَا حَكَمْنَا بِطَهَارَةِ الْمَاءِ النَّجِسِ بِالْمُكَاثَرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغَ قُلَّتَيْنِ فَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ وَهَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ لَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ الْأَنْمَاطِيِّ إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّجَسِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ هُنَا فَإِنَّهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا صَاحِبُ الْحَاوِي وَآخَرُونَ وَصَرَّحُوا بِهِ: وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ إذَا كَانَ الْمَاءُ أَكْثَرَ مِنْ قُلَّتَيْنِ وَفِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ فَقَدْ ذَكَرَ وَجْهَيْنِ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ بَلْ تَجُوزُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ: وَالثَّانِي يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْ النَّجَاسَةِ بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَشْهُورٌ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ لَكِنْ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيُّ حَكَوْهُ وَجْهَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ: وَحَكَاهُ جُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَوْلَيْنِ الْجَدِيدُ يَجِبُ التَّبَاعُدُ وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَعَامَّةِ أَصْحَابِنَا قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْتَى فِيهَا عَلَى الْقَدِيمِ: وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ بَيَانَهَا وَحُكْمَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا: وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَبِالْجِيمِ أن الشافعي نص في كتابه اختلاف وهو من كتبه الجديدة عَلَى مُوَافَقَةِ الْقَدِيمِ وَحِينَئِذٍ لَا يَسْلَمُ كَوْنُ الْإِفْتَاءِ هُنَا بِالْقَدِيمِ: قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا شَرَطْنَا التَّبَاعُدَ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّنَاسُبِ فِي الْأَبْعَادِ فَلَوْ كَانَتْ

1 / 139