المحصول في شرح صفوة الأصول
الناشر
دار البرازي (سوريا)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ ه
مكان النشر
دار الإمام مسلم (المدينة المنورة)
تصانيف
أخرج الدارمي (٢١٠) وابن وضاح (^١) عن ابن مسعود ﵁ أنَّه أنكر على الذين كانوا حِلقًا يُسبِّحون بالحصى مائة، فدلَّ هذا على أنَّ البدع تدخل في الوسائل؛ لأنَّ هذا التَّحلُّق والتسبيح بالحصى من الوسائل، ومع هذا أنكره ابن مسعود ﵁ وجَعَله مُحدَثًا، والقاعدة في التَّفريق بين الوسائل المحدثة وغيرها أن ينظر إلى المُقْتَضِي والمانع فإذا وُجِدَ المقتضي لفِعل عبادة، ولا مانع يمنع منها، ولم يفعلها الرسول ﷺ ولا الصحابة ﵃، ففعل هذه الوسيلة بدعة؛ لأنَّه لو كان خيرًا لسبقونا إليه، فقد يوجد المقتضي عند الرسول ﷺ والصحابة ﵃، ولا يفعلون هذه الوسيلة لمانع، ففعل هذه الوسيلة ليس بدعة، كمثل الأذان في مكبِّر الصوت وحفظ الدروس بالمسجِّلات الصَّوتية وغيرها، وقد يُوجد المقتضي في عهد الصحابة ﵃، ولا يكون موجودًا في عهد الرسول ﷺ، فلا تُعدُّ هذه الوسيلة محدثة وذلك مثل جمع القرآن من الصحابة، فإنَّهم ما جمعوه إلَّا لما خشوا ذهابه بعد مقتل كثير من القراء، أخرجه البخاري (٧١٩١)، فهذا المقتضي ليس موجودًا في عهد الرسول ﷺ، فلمَّا لم يوجَد المقْتَضَى في عهدِ الرَّسول ﷺ، ثم وُجد بعدُ، لم يكن إحداث هذا الفعل بدعة، وقَرَّر هذه القاعدة ابن تيمية (^٢)، وهي فَيْصل في التَّفرِيق بين وسائل الدَّعوة، وبيان الفَرْق بين التَّوقيفي منها وغير التَّوقيفي، ذكر هذا كثيرًا الامام الألباني ﵀.
_________
(^١) البدع والحوادث (ص ٣٥).
(^٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٩٧ - ٢٠١).
1 / 28