المغربية في شرح العقيدة القيروانية
الناشر
دار المنهاج للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (وَاعْلَمْ: أَنَّ خَيْرَ القُلُوبِ: أَوْعَاهَا لِلْخَيْر، وَأَرْجَى القُلُوبِ لِلْخَيْرِ: مَا لَمْ يَسْبِقِ الشَّرُّ إِلَيْهِ، وَأَوْلَى مَا عُنِيَ بِهِ النَّاصِحُونْ، وَرَغِبَ فِي أَجْرِهِ الرَّاغِبُونْ: إِيصَالُ الخَيْرِ إِلَى قُلُوبِ أَوْلَادِ المُؤْمِنِينْ؛ لِيَرْسَخَ فِيهَا، وَتَنْبِيهُهُمْ عَلَى مَعَالِمِ الدِّيَانَهْ، وَحُدُودِ الشَرِيعَهْ؛ لِيُرَاضُوا عَلَيْهَا، وَمَا عَلَيْهِمْ أَن تَعْتَقِدَهُ مِنَ الدِّينِ قُلُوبُهُمْ، وَتَعْمَلَ بِهِ جَوَارِحُهُمْ؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ تَعْلِيمَ الصِّغَارِ لِكِتَابِ الله، يُطْفِئُ غَضَبَ الله، وَأَنَّ تَعْلِيمَ شَيءٍ فِي الصِّغَرْ؛ كَالنَّقْشِ فِي الحَجَرْ.
وَقَدْ مَثَّلْتُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنْتَفِعُونَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- بِحِفْظِهْ، وَيَشْرُفُونَ بِعِلْمِهْ، وَيَسْعَدُونَ بِاعْتِقَادِهِ وَالعَمَلِ بِهْ):
أنقى القلوبِ: القلبُ الذي يكونُ على الفِطْرة، ولم يَرِدْ إليه واردٌ مِن الشَّرّ؛ لأنَّ القلبَ إذا تمكَّنَ منه الشَّرُّ، تصلَّبَ وقسا، وشَقَّ عليه الرجوعُ؛ كما قال تعالى: ﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحديد: ١٦]؛ لأنَّ للقلبِ مَنافِذَ يدخُلُ منها الخيرُ، وإذا كَثُرَ الباطلُ والشَّرُّ على القلبِ، كَثُرَ إغلاقُ مَنافِذِ الخيرِ إليه؛ حتى يكونَ كالحجارةِ أو أشَدَّ قَسْوةً في قَبُولِ الحَقّ.
وقد جاءتِ الأدلَّةُ في تعليمِ الصغارِ دِينَ الله، وخاصَّةً ما يتعلَّقُ بهم وما يَشُقُّ عليهم الثباتُ عليه بعدَ تكليفِهم؛ كالصلاةِ وأحكامِ العَوْرة؛ كما قال ﷺ: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ) (١)، وكما في ظاهر آية العَوْراتِ مِن سورةِ النُّور.
(١) أحمد (٢/ ١٨٠ و١٨٧ رقم ٦٦٨٩ و٦٧٥٦)، وأبو داود (٤٩٥) من حديث عبد الله بن عمرو.
1 / 77