121

المدخل

الناشر

دار التراث

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

وَفِيهَا مِنْ الْبِرِّ بِحَيْثُ الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّهُ ﵊ كَرِهَ ذَلِكَ الِاسْمَ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْكِيَةِ فَجَدَّدَ اسْمَهَا زَيْنَبَ، وَكَذَلِكَ «فِعْلُهُ ﵊ مَعَ جُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَجَدَّدَ اسْمَهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ»، فَإِذَا كَرِهَ ﵊ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ فِيهِ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَنَهَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ» فَمَا بَالُك بِأَحْوَالِنَا الْيَوْمَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ ﵁ أَنَّهُ «لَمَّا وَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ، فَقَالَ: إنَّ قَوْمِي إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِحُكْمِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَكَ مِنْ الْوَلَدِ، فَقَالَ: لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ، قَالَ: شُرَيْحٌ، قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» . ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّمَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ مَجَازٌ لَا عِبْرَةَ بِهَا، وَقَدْ صَارَتْ أَيْضًا كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ حَتَّى لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ إلَّا بِهَا فَقَدْ خَرَجَتْ عَنْ بَابِ التَّزْكِيَةِ إلَى بَابِ أَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ كَالْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ. فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا يَرُدُّهُ مَا نُشَاهِدُهُ فِي الْوُجُودِ مُبَاشَرَةً، وَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إذَا قِيلَ لَهُ اسْمُهُ الْعَلَمُ الشَّرْعِيُّ كَالْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ تَشَوَّشَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ نَادَاهُ بِذَلِكَ وَوَجَدَ عَلَيْهِ الْحَنَقَ لِكَوْنِهِ تَرَكَ ذَلِكَ الِاسْمَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَهَذَا يُوَضِّحُ وَيُبَيِّنُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ بَاقِيَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَأَنَّهَا لَمْ تَبْرَحْ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْكَذِبُ وَالتَّزْكِيَةُ لَكَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ» وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ مَا ظَهَرَتْ إلَّا مِنْ قِبَلِهِمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى وَالدِّينِ يَقُولُ: إنَّهُ أَدْرَكَ أَبَاهُ وَمَنْ كَانَ فِي سِنِّهِ لَا يَتَسَمَّوْنَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَلَا يَعْرِفُونَهَا. وَكَانَ سَبَبُهَا

1 / 126