44

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

ولا يرث أحد بهذا السبب إلا بالفرض فقط دون التعصيب سواءً كان الوارث زوج أو زوجة فأكثر ؛ وهذا إذا كانت الزوجية قائمة ، أما إذا توفي أحد الزوجين أثناء عدة الطلاق ، فينظر في هذا الطلاق فإن كان طلاقاً رجعياً فلا خلاف في توريث الحي منهما من الميت أثناء العدة، أما إذا انتهت العدة وهي البينونة الصغرى فلا توارث بينهما ، وكذا الحكم في ميراث المطلق المريض من زوجته إذا ماتت قبله.

أما إذا كان الطلاق بائناً ، فأما أن يكون في حال الصحة ، وأما أن يكون في حال المرض ، وهذا المرض إما أن يكون غير مخوف ، وإما أن يكون مخوفاً ، وإن كان مخوفاً إما أن يكون غير متهماً بالفرار من ميراثها ، وإما أن يكون متهماً بالفرار من ميراثها.

فإن كان الطلاق بائناً في الصحة فلا توارث بينهما ، وكذلك الحكم إذا كان الطلاق في المرض الغير المخوف كألم السن والعين اليسير، وكذلك الحكم أيضاً إذا كان المرض مخوفاً ولم يتهم بالفرار من ميراثها ؛ كما لو طلبت هي بينونتها ، أو علق طلاقها بأمر لها بد منه ؛ كأن يقول لها لو خرجت من بيتي هذا اليوم بدون إذني فأنت طالق ، أو إن اكتحلت هذه الساعة فأنت طالق ، وكانت هذه الطلقة هي الطلقة الثالثة ؛ فقد علق طلاقها على أمر لها بد منه فبإمكانها عدم الخروج إلا بإذنه ، وبإمكانها عدم الاكتحال تلك الساعة ، فإذا خرجت بدون إذنه ، أو اكتحلت تلك الساعة فقد بانت باختيارها فلا ميراث لها في هذه الحالات من زوجها لو مات قبلها.

إما إن كان متهماً بالفرار من ميراثها ففيه خلاف يمكن إجماله في قولين هما:

القول الأول: لا ترث المطلقة طلاقاً بائناً في مرض الموت المخوف زوجها ولا يرثها مطلقاً فهو كطلاق الصحيح في قطع الميراث ، وهذا القول مروي عن علي بن أبي طالب وابن الزبير وحكي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم وهو مذهب الإمام الشافعي في الجديد وبه قال المغيرة الضبي وأبو ثور وداود وهو اختيار المزني والأصطخري - رحم الله الجميع - ؛ وذلك إن كان الطلاق قد وقع فيجب أن يقع بجميع أحكامه كما ورد في الأثر (لا ترث مبتوتة ) - أخرجه البيهقي - لأن سبب الإرث هنا الزوجية وقد زال بالطلاق ، وأن الذي يتأثر بتوريث المطلقة هم الورثة ؛ بمشاركتها لهم ، أما المطلق فلا يتأثر بذلك ، وبهذا لا يكون لمعاملة المطلق بنقيض قصده أثر عليه ، لأن الذي يتأثر بتوريث المطلقة هم الورثة وليس هو.

44