اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية
وأجاب الجمهور عن الحديث بأن قوله ماحق امرئٍ بأن المراد الحزم والاحتياط ... فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بالوجوب بل اقترن هذا الحق بما يدل على الندب وهو تفويض الوصية إلى إرادة الموصي حيث قال (( له شيء يريد أن يوصي فيه ))
أما الجواب عن الرواية التي بلفظ ((لا يحل)) فاحتمال مراد الراوي بنفي الحل؛ ثبوت الجواز بالمعنى الأعم الذي يدخل تحته الوجوب والمندوب والمباح.
ونقل ابن المنذر عن أبي ثور - رحمهما الله تعالى - أن المراد بوجوب الوصية في الآية والحديث يختص بمن عليه حق شرعي يخشى أن يضيع على صاحبه إن لم يوص به كوديعة ودين.
القول الثاني : الندب وهو ما ذهب إليه الجمهور قال في المجموع شرح المهذب : وأما الوصية بجزء من ماله فليست بواجبة على أحد في قول الجمهور وبذلك قال الشعبي والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم.
قال في المغني أجمع العلماء رحمهم الله تعالى في الأمصار والأعصار على جوازها.
وحكى ابن عبد البر - رحمه الله تعالى - الإجماع على عدم الوجوب. وقال الشوكاني - رحمه الله تعالى - في هذا الإجماع : مجازفة.
ومحل وجوب الوصية إنما هو فيما إذا كان عاجزاً عن تنجيز ما عليه وكان لم يعلم بذلك غيره ممن يثبت الحق بشهادته ، فأما إذا كان قادراً أو علم بها غيره فلا وجوب ، وقد تكون مندوبة فيمن رجا منها كثرة الأجر ، ومكروهة في عكسه ، ومباحة فيما استوي الأمران فيه ، ومحرمة فيما إذا كان فيها إضرار.
قال ابن حجر - رحمه الله تعالى - كما ثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما ( الإضرار في الوصية من الكبائر ).
وفي السنن الكبر عن ابن عباس قال الإضرار في الوصية من الكبائر ثم تلا قوله تعالى : ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولُهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {١٣} وَمَن يَعْص اللّهَ وَرَسُولُهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {١٤َ} )
وأما المسألة الخامسة وهي أول من أوصى في الإسلام بالثلث: فأول من أوصى في الإسلام بالثلث: البراء بن معرور ﴾ أوصى به للنبي ؛ وكان قد مات قبل أن يدخل النبي # المدينة بشهر فقبله » ورده على ورثته.
31