الكفاية في علم الرواية
الناشر
جمعية دائرة المعارف العثمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٥٧ هجري
مكان النشر
حيدر آباد
تصانيف
علوم الحديث
ذِكْرُ شُبْهَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعِلْمَ وَإِبْطَالُهَا
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَالِكِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ، قَالَ: " فَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعِلْمَ الظَّاهِرَ دُونَ الْبَاطِنِ، فَإِنَّهُ قَوْلُ مَنْ لَا يُحَصِّلُ عِلْمَ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ مِنْ حَقِّهِ أَلَّا يَكُونَ عِلْمًا عَلَى الْحَقِيقَةِ بِظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ، إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ مَعْلُومُهُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ " قَالَ: وَتَعَلُّقُهُمْ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﷿ ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠] بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ أَرَادَ تَعَالَى - وَهُوَ أَعْلَمُ _: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ فِي إِظْهَارِهِنَّ الشَّهَادَتَيْنِ وَنُطْقِهِنَّ بِهِمَا، وَظُهُورُ ذَلِكَ مِنْهُنَّ مَعْلُومٌ يُدْرَكُ إِذَا وَقَعَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ النُّطْقُ بِهَا إِيمَانًا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ دَالٌّ عَلَيْهِ، وَعَلَمٌ فِي اللِّسَانِ عَلَى إِخْلَاصِ الِاعْتِقَادِ وَمَعْرِفَةِ الْقَلْبِ مَجَازًا وَاتِّسَاعًا، وَلِذَلِكَ نَفَى تَعَالَى الْإِيمَانَ عَمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لَهُ، فِي قَوْلِهِ: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤]، أَيْ: قُولُوا: اسْتَسْلَمْنَا فَزَعًا مِنْ أَسْيَافِهِمْ. قَالَ: وَأَمَّا التَّعَلُّقُ فِي أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعِلْمَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
1 / 25