155

الخراج

محقق

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

الناشر

المكتبة الأزهرية للتراث

رقم الإصدار

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

سنة النشر

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ ابْتَلَعَهُ قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَالَ لَهُمْ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ لَا يَعْمَلُ فِيهِمُ السُّمَّ. قَالَ فَقَالَ لَهُ إِيَاسُ بْنُ قبيصَة: مَا لنا مِنْ حَاجَةٍ وَمَا نُرِيدُ أَنْ نَدْخُلَ مَعَكَ فِي دِينِكَ، نُقِيمُ عَلَى دِينِنَا وَنُعْطِيكَ الْجِزْيَةَ. فَصَالَحَهُ عَلَى سِتِّينَ أَلْفًا وَرَحَلَ عَلَى أَنْ لَا يَهْدِمَ لَهُمْ بَيْعَةً وَلا كَنِيسَةً وَلا قَصْرًا مِنْ قُصُورِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَحَصَّنُونَ فِيهَا إِذَا نَزَلَ بِهِمْ عَدُوٌ لَهُمْ، وَلَا يمنعنون مَنْ ضَرْبِ النَّوَاقِيسِ وَلا مِنْ إِخْرَاجِ الصُّلْبَانِ فِي يَوْمِ عِيدِهِمْ، وَعَلَى أَنْ لَا يَشْتَمِلُوا عَلَى تَغِبَّةٍ١ وَعَلَى أَنْ يُضِيفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ، وَكتب بَينهم هَذَا الْكتاب:
كتاب خَالِد لأهل الْحيرَة:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لأَهْلِ الْحِيرَةِ، أَنَّ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ تعاى عَنْهُ أَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ بَعْدَ مُنْصَرَفِي مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ بِأَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَإِلَى رَسُوله ﵊ وَأُبَشِّرُهُمْ بِالْجَنَّةِ وَأُنْذِرُهُمْ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنْ أَجَابُوا فَلَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَإِنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى الْحِيرَةِ فَخَرَجَ إِلَيَّ إِيَاسُ بْنُ قَبِيصَةَ الطَّائِيُّ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، وَإِنِّي دَعَوْتُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا فعرضت عَلَيْهِم الجزمية أَوِ الْحَرْبَ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا بِحَرْبِكِ؛ وَلَكِنْ صَالِحْنَا عَلَى مَا صَالَحْتَ عَلَيْهِ غَيْرَنَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي عِدَّتِهِمْ فَوَجَدْتُ عِدَّتَهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ، ثُمَّ مَيَّزْتُهُمْ فَوَجَدْتُ مَنْ كَانَتْ بِهِ زَمَانَةٌ أَلْفَ رَجُلٍ فَأَخْرَجْتُهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ؛ فَصَارَ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ سِتَّةَ آلافٍ؛ فَصَالَحُونِي عَلَى سِتِّينَ أَلْفًا، وَشَرَطْتُ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي أَخَذَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ: أَنْ لَا يُخَالِفُوا وَلا يُعِينُوا كَافِرًا عَلَى مُسْلِمٍ مِنَ الْعَرَبِ وَلا مِنَ الْعَجَمِ، وَلا يَدُلُّوهُمْ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ الَّذِي أَخَذَهُ أَشَدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى نَبِيٍّ مِنْ عَهْدٍ أَوْ مِيثَاقٍ أَوْ ذِمَّةٍ؛ فَإِنْ هُمْ خَالَفُوا فَلا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلا أَمَانَ، وَإِنْ هُمْ حَفِظُوا ذَلِكَ وَرَعَوْهُ وَأَدَّوْهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَهُمْ مَا لِلْمُعَاهَدِ وَعَلَيْنَا الْمَنْعُ لَهُمْ؛ فَإِنْ فَتَحَ الله علينا فهم على ذمَّته من؛ فَلهم بذلك عهد الله أَشَدَّ مَا أَخَذَ عَلَى نَبِيٍّ مِنْ عَهْدٍ أَوْ مِيثَاقٍ، وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُخَالَفُوا؛ فَإِنْ غُلِبُوا فَهُمْ فِي سِعَةٍ يَسَعُهُمْ مَا وَسِعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ. وَلا يَحِلُّ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ أَنْ يُخَالِفُوا وَجَعَلْتُ لَهُمْ أَيُّمَا شَيْخٍ ضَعُفَ عَنِ الْعَمَلِ أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنَ الآفَاتِ أَوْ كَانَ غَنِيا

١ أَي الرِّيبَة وَالْفساد.

1 / 157