وفي الحديث فوائد ننبه على ما يسره الله منها فمن ذلك:
أن في قوله ﷺ هل فيكم غريب ثم أمره بغلق الباب تعليما لهم، أن هذا أمر خاص لا يشرع فيه بحضور أجنبي منكر بل يصان عن من هو غريب عن هذا الأمر أولا وآخرا
أولا بطلب خلو المجلس عنه، وأخرا // ٢٠٦ // بغلق الباب المانع لحضوره.
وذلك أن الإلقاء الإلهي المنزل على القلب يترتب عليه تنور القلب القابل باستعداده المشتمل على المناسبة التي هي الحبل الإلهي الحاصل في القلب المتنزل عليه الإلقاء والتلقين من صور الإلقاء في مراتب التنزلات فإذا كان الإستعداد تاما والمناسبة ظاهرة ظهرت النتيجة سريعا وإلا احتاج الأمر إلى تعمل بالمواظبة على الذكر لينجلي بأنوار الذكر على التدريج ظلمات الغفلة وما يتبعها فإذا كانت القلوب متفقة على قصد واحد ولم يكن فيهم غريب أجنبي عن قصدهم حصل في الجمع نوع من التوحيد قبل التلقين بقصدهم مع انتفاء المشوش فإذا جاء التلقين ورد نور كلمة التوحيد على محل منتهى لقبوله بمناسبة اتصافه بنوع من التوحيد بتجديد القصد إلى طلب الواحد الحق سبحانه فازداد نورا على قدر الإستعداد والمناسبة سرعة وبطؤا // ٢٠٧ // صغرا وكبرا، وأما إذا كان ثمت أجنبي منكر لما هم فيه يحدث بسبب انحراف قصده اختلاف في القلب وتشتت في النيات فتضعف المناسبة المهيئة لقبول أنوار التوحيد على الكمال فتخلية المجلس من الغريب سعى في تقوية المناسبة القلبية لقبول أنوار التوحيد وفيه أيضا إشارة إلى أن المتلقن على هذا الوجه الخاص متوجه إلى السلوك في طريق وهب الأسرار فمن شرطه الحفظ والأمانة فإن الأسرار لا توهب إلا للأمناء ومما يدل على اعتناء رسول الله ﷺ بمراعاة الأسباب التي تتضمن تقوية المناسبة لقبول نور التوحيد ما ورد من الأمر بتغميض العينين في حديث علي ﵁ من قوله غمض عينيك واسمع مني ثلاث مرات وأنا أسمع ثلاث مرات الحديث الأتي وذلك أن تغميض العينين يورث نوعا من
1 / 114