93

الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي

الناشر

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

مكان النشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

تصانيف

الإيمان ولذته ما يحتمل به الأذى، والنعم التي تصل إليه أكثر، والذي يحصل للكفار من الهلاك أعظم بكثير، من غير عوض لا آجلًا ولا عاجلًا (١).
إذًا فالغربة المستحكمة المطبقة على الأرض كلها، بحيث يغدو الدين غريبًا في زمن من الأزمنة، في بقاع الأرض كلها، كا حدث قبل بعثة النبي ﷺ، لا يكون في أمته ﷺ إلا بعد عهد عيسى ﵇، وقبل الساعة (٢)، وكذلك الاستضعاف الكلي لكل الأمة في الأرض كلها لا يمكن أن يقع، بل دلت الآيات والأحاديث على خلاف هذا.
ومن جملة هذه الأدلة قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ (٣)، وقال ﷿: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (٤)، "أى: عامة المؤمنين بعد إجلاء الكفار وهذا وعد منه تعالى بإظهار الدين وإعزاز أهله" (٥).
عن أبي بن كعب ﵁ قال: لما قدم رسول اللَّه ﷺ وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: (ترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا اللَّه؟ فنزلت: ﴿وَعَدَ

(١) انظر: الفتاوى، ١٨/ ٢٩١ - ٢٩٦.
(٢) انظر: الغرباء الأولون، سلمان بن فهد العودة، المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي، ط ١، ١٤١٢ هـ، ص ٢٨.
(٣) سورة غافر، الآية [٥١].
(٤) سورة الأنبياء، الآية [١٠٥].
(٥) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم (تفسير أبي السعود)، محمد بن محمد العمادي، دار إحياء التراث العربي: بيروت، ط ١، د. ت، ٦/ ٨٨.

1 / 97