الاستبصار في نقد الأخبار - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
[ص ٤٣] هذا، وقد احْتُجَّ بهذا الحديث على أن الظاهر في التابعين وأتباعهم العدالة، فمن لم يُجْرَح منهم فهو عدل.
وقد يوجَّه ذلك بأنَّ الخيرَ لم يرتفع من الأمة جملةً بعد تلك القرون، فثناؤه ﵌ عليها، وذمه من بعدها إنما هو بناء على الأغلب، فكأنه يقول: إن غالب أهلها أخيار، وغالب من بعدها أشرار. وإذا ثبت أن غالبهم أخيار، فمن لم يُعْرَف حاله منهم حُمِل على الغالب.
أقول: وفي هذا نظر من وجهين:
الأول: أنه قد يجوز أن يكون ﵌ راعى الكثرة، فيكون حاصل ذلك أن القرن الأول ــ وهم الصحابة ومن انضمَّ إليهم ــ غالبهم عدول، والقرن الثاني نصفهم عدول، والقرن الثالث ثلثهم عدول، والثلث كثير، وأما بعد ذلك فإن العدالة تقلُّ عن ذلك. وعلى تسليم الغلبة في القرن الثاني ــ أيضًا ــ فقد يكون في الثالث التعادل، واستحقوا الثناء لأنّ شرّهم لم يكن أكثر من خيرهم، بخلاف من بعدهم.
الوجه الثاني: أن الغلبة تصْدُق بخمسة وخمسين في المائة ــ مثلًا ــ، ومثل هذا [ص ٤٤] لا يحصل به الظن المعتبر في أنَّ مَنْ لم يُعْرَف حاله من المائة فهو من الخمسة والخمسين، ولو قال المحدِّث: "أكثر مشايخي ثقات"، لما كان توثيقًا لمن لا يُعْرَف حاله منهم.
وتمام هذا البحث يأتي في الكلام على المجهول إن شاء الله تعالى (^١).
* * * *
_________
(^١) لم يتمكن المؤلف من كتابة هذا البحث.
15 / 34