الاستبصار في نقد الأخبار - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
علي بن محمد العمران
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
[ص ٣٣] وكانوا مع ذلك خائفين كما قال الله ﷿ فيهم: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ [المنافقون: ٤].
وكانوا مع ذلك إلى نقص بالهلاك أو التوبة والإخلاص، والغالب على الظن أنّ من بقي منهم بعد وفاة النبي ﵌ لم يتعرَّض أحدٌ منهم لأن يذكر عن النبي ﵌ شيئًا لخوفهم من المؤمنين، وعلمهم أنَّ أحدَهم لو أخبر بشيء عن النبي ﵌ فكَذَب فيه لأنكره عليه المؤمنون وفضحوه بما كانوا يظنونه من نفاقه، أو لأعْلَمهم بنفاقه حذيفةُ أو غيرُه ممن كان قد أسرَّ إليه النبي ﵌ بأسماء المنافقين.
وأمّا الأعراب فقد قال الله ﷿: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: ١٤].
والظاهر أنَّ أهلَ هذه الآية آمنوا بعد ذلك أو غالبهم، كما تقتضيه كلمة "لمّا".
وقد ذكر الله ﷿ فِرقَهَم في سورة التوبة [٩٥ ــ ١٠٥] فذكر أنّ منهم منافقين، ومنهم مؤمنون مخلصون، ومنهم مخلّطون يرجى لهم الخير، وقال في آخر ذلك: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا [ص ٣٤] فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥].
ثم ابتلاهم الله ﷿ بعد غزوة العُسْرة بوفاة رسوله ﵌، فارتدَّ أقوامٌ من الأعراب، فعرفهم المؤمنون حقّ المعرفة.
15 / 25