4

الاستعانة بالفاتحة على نجاح الأمور

محقق

محمد زياد عمر تكلة

الناشر

مكتبة العبيكان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢١ هجري

مكان النشر

الرياض

ثُمَّ قَالَ: هَذَا وِإِنَّهَا الْمِفْتَاحُ الْأَعْظَمُ لِكُنُوزِ الْأَرْضِ، كَمَا إِنَّهَا الْمِفْتَاحُ لِكُنُوزِ الْجَنَّةِ، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنُ الْفَتْحَ بِهَذَا الْمِفْتَاحِ. قَالَ: وَلَوْ أَنَّ طُلَّابَ الْكُنُوزِ وَقَفُوا عَلَى سِرِّ هَذِهِ السُّورَةِ، وَتَحَقَّقُوا مَعَانِيَهَا، وَرَكَّبُوا لِهَذَا الْمِفْتَاحِ أَسْنَانًا، وَأَحْسَنُوا الْفَتْحَ بِهِ، لَوَصَلُوا إِلَى تَنَاوُلِ الْكَنْزِ مِنْ غَيْرِ مُعَاوِنٍ وَلَا مُمَانِعٍ. ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ نَقُلْ هَذَا الْكَلَامَ مُجَازَفَةً، وَلَا اسْتِعَارَةً بَلْ حَقِيقَةً، وَلَكِنَّ للَّهِ ﷾ حِكْمَةً بَالِغَةً فِي إِخْفَاءِ هَذَا السِّرِّ عَنْ نُفُوسِ أَكْثَرِ الْعَالَمِينَ، كَمَا لَهُ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فِي إِخْفَاءِ كُنُوزِ الْأَرْضِ عَنْهُمْ. قَالَ: وَالْكُنُوزُ الْمَحْجُوبَةُ قَدِ اسْتُخْدِمَ عَلَيْهَا أَرْوَاحٌ خَبِيثَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ تَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسِ، وَبَيْنَهَا، وَلَا يَقْهَرُهَا إِلَّا أَرْوَاحٌ عُلْوِيَّةٌ شَرِيفَةٌ غَالِبَةٌ لَهَا بِحَالِهَا الْإِيمَانِيِّ، مَعَهَا مِنْهُ أَسْلِحَةٌ لَا تَقُومُ لَهَا الشَّيَاطِينُ. قَالَ: وَأَكْثَرُ نُفُوسِ النَّاسِ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَلَا تُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَرْوَاحَ وَلَا تَقْهَرُهَا، وَلَا تَنَالُ مِنْ سَلَبِهَا شَيْئًا، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهُوَ كَلَامٌ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّهُ مِنْ فَضْلِهَا كَغَمْسَةِ عُصْفُورٍ مِنْقَرَهُ فِي الْبَحْرِ، أَوْ قَطْرَةٍ شَرِبَهَا مِنْهُ وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْحَبَّالِ فِي كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا لِقَضَاءِ

1 / 374