الإقناع في حجية الإجماع
الناشر
مركز سطور للبحث العلمي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ ه
مكان النشر
دار الإمام مسلم للنشر والتوزيع- المدينة المنورة
تصانيف
ومن كلامه المفيد أيضًا ما قاله في كتابه «رفع الملام عن الأئمة الأعلام»: «لا يمكن العالم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا؛ مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه، حتى إن منهم من يعلق القول فيقول: "إن كان في المسألة إجماع فهو أحق ما يتبع، وإلا فالقول عندي كذا وكذا".
وذلك مثل من يقول: "لا أعلم أحدا أجاز شهادة العبد" وقبولها محفوظ عن علي وأنس وشريح وغيرهم. ويقول آخر: "أجمعوا على أن المعتق بعضه لا يرث" ...» (^١) ثم ذكر من خالف في ذلك.
وهذا تأصيل عظيم.
ومما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في رده على السبكي: «أن قول العالم لا أعلم فيه خلافًا يفيد الإجماع ولكنه أقل من قوله أجمعوا» (^٢). وهذا حق.
ومما يفيد الإجماع لكنه أقل مما قبله: «أن أقل من ذلك أن يقول: أجمع كل من نحفظ عنه» (^٣). وهذا أيضًا يفيد الإجماع ولكنه أقل فكلها مراتب تدل على الإجماع ولكنها متفاوتة، ويكفي أن تفيد إجماعًا من باب غلبة الظن، ولو كان أقل درجات غلبة الظن.
ومما يقوي غلبة الظن في مثل هذا ويجعل النفس تطمئن للعمل به أن يقال: المسألة التي يعرف أن عشرة من العلماء قالوا فيها بالحرمة مثلًا، وأراد أحد أن يخالفهم، ولا يعلم له سلفًا في مخالفتهم، فقوله خطأ لأنه محدث ومخالف لسبيل المؤمنين فيما يعلم، إذن لابد من الرجوع إلى قول الذين لم يعلم أن لهم مخالفًا، وأيضًا أي مسألة لم يحك عالم ذو استقراء فيها الإجماع يحتمل أن تكون
_________
(^١) انظر: «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» لابن تيمية (ص: ٣٢).
(^٢) انظر: «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» لابن تيمية (١/ ٥٩٨ - ٥٩٩).
(^٣) انظر: «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» لابن تيمية (١/ ٥٩٨ - ٥٩٩).
1 / 70