الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين
الناشر
المكتبة العصرية
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٤هـ
سنة النشر
٢٠٠٣م
تصانيف
= ص١٦٤". والاستشهاد بالبيت هنا في قوله "أطولت" حيث صحت عين الفعل مع أن قياس نظائرها أن تعتل بقلبها ألفًا ثم تحذف الألف عند الاتصال بالضمائر المتحركة، في لغة جمهرة العرب، على ما بيَّنَّا، وقد أتى الشاعر بهذا الفعل على أصله من غير أن يقلب أو يحذف، والعلماء يختلفون في هذا وأشباهه؛ فمنهم من يقول: هو شاذ يحفظ ما سمع منه ولا يقاس عليه، ومنهم من يقول: هو لغة لجماعة من العرب، يجوز القياس عليها، وفي قول الشاعر "وقلما وصال ... إلخ" شاهد آخر للنحاة، وذلك حيث اتصلت "ما" بقل، واعلم أولا أن "ما" هذه تتصل بثلاثة أفعال وهي: قل، وطال، وكثر تقول: قلما كان ذلك، وطالما نهيتك عن الشر، وكثر ما أرشدتك، هذا هو الأصل، نعني أنه إذ اتصلت "ما" بواحد من هذه الأفعال الثلاثة كفّته عن طلب الفاعل ووليه الفعل، وربما وليه الاسم المرفوع كما في هذا البيت، وللعلماء في ذلك الأسلوب أربعة أقوال: الأول: أن "ما" كافة على أصلها ولا يحتاج الفعل المقترن بها إلى فاعل، والاسم المرفوع بعده مبتدأ خبره ما بعده، وهذا هو ما ذهب إليه سيبويه، وجعل ذلك من ضرورات الشعر، والثاني: أن "ما" هذه زائدة لا كافة، والاسم المرفوع بعدها فاعل، وكأن الشاعر قد قال: وقل وصال يدوم على طول الصدود، والثالث: أن "ما" كافة أيضًا، والاسم المرفوع بعدها فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل الآخر، وكأنه قد قال: قلما يدوم وصال على طول الصدود، وهو مذهب ذهب إليه الأعلم الشنتمري، والرابع: أن "ما" حينئذ كافة أيضًا، والاسم المرفوع بعدها فاعل بنفس الفعل المتأخر، وهذا مذهب كوفي؛ لأنهم هم الذين يجوّزون تقدم الفاعل على ما هو معلوم.
1 / 118